نفح الطّيب [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في نفح الطّيب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

ومن أعمال غرناطة قطر لوشة (١) ، وبها معدن للفضّة جيّد ، ومنها أعني لوشة ، أصل لسان الدين بن الخطيب. وهذا القطر ضخم ينضاف إليه من الحصون والقرى كثير ، وقاعدته لوشة ، بينها وبين غرناطة مرحلة ، وهي ذات أنهار وأشجار ، وهي على نهر غرناطة الشهير بشنيل.

ومن أعمال غرناطة الكبار عمل باغة (٢) ، والعامّة يقولون بيغه ، وإذا نسبوا إليه قالوا بيغي ، وقاعدته باغية طيبة الزرع ، كثيرة الثمار ، غزيرة المياه ، ويجود فيها الزعفران.

ومن أعمال غرناطة وادي آش ، ويقال : وادي الأشات. وهي مدينة جليلة قد أحدقت بها البساتين والأنهار ، وقد خصّ الله أهلها بالأدب وحبّ الشعر ، وفيها يقول أبو الحسن بن نزار : [الكامل]

وادي الأشات يهيج وجدي كلّما

أذكرت ما أفضت بك النعماء (٣)

لله ظلّك والهجير مسلّط

قد برّدت لفحاته الأنداء

والشمس ترغب أن تفوز بلحظة

منه فتطرف طرفها الأفياء

والنهر يبسم بالحباب كأنه

سلخ نضته حيّة رقشاء

فلذاك تحذره الغصون فميلها

أبدا على جنباته إيماء

ومن أعمال وادي آش حصن جليانة ، وهو كبير يضاهي المدن ، وبه التفاح الجلياني الذي خصّ الله به ذلك الموضع ، يجمع عظم الحجم وكرم الجوهر وحلاوة الطعم وذكاء الرائحة والنقاء ، وبين الحصن المذكور ووادي آش اثنا عشر ميلا.

ومن غرائب الأندلس أنّ به شجرتين من شجر القسطل ، وهما عظيمتان جدّا إحداهما بسند وادي آش والأخرى ببشرّة غرناطة ، في جوف كل واحدة منهما حائك ينسج الثياب ، وهذا أمر مشهور قاله أبو عبد الله بن جزيّ وغيره.

وكانت إلبيرة هي المدينة قبل غرناطة ، فلما بنى الصّنهاجي (٤) مدينة غرناطة وقصبتها وأسوارها انتقل الناس إليها ، ثم زاد في عمارتها ابنه باديس بعده.

__________________

(١) لوشة : على بعد خمسة وخمسين كيلو مترا غرب غرناطة.

(٢) في ب : باغه.

(٣) في ب : بدل أفضت : قضّت.

(٤) الصنهاجي : هو حبوس بن ماكسن الصنهاجي باني مدينة غرناطة.