وذكر غير واحد أن في كورة سرقسطة (١) الملح الأندراني الأبيض الصافي الأملس الخالص ، وليس في الأندلس موضع فيه مثل هذا الملح.
قال : وسرقسطة بناها قيصر ملك رومة الذي تؤرّخ من مدّته مدّة الصفر قبل مولد المسيح على نبيّنا وعليه وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام ، وتفسير اسمها قصر السيد ، لأنه اختار ذلك المكان بالأندلس.
وقيل : إن موسى بن نصير شرب من ماء نهر جلّق بسرقسطة فاستعذبه ، وحكم أنه لم يشرب بالأندلس أعذب منه ، وسأل عن اسمه ، فقيل : جلّق ، ونظر إلى ما عليه من البساتين فشبّهها بغوطة جلّق الشام ، وقيل : إنها من بناء الإسكندر ، والله أعلم.
وبمدينة برجة (٢) ـ وهي من أعمال المرية ـ معدن الرصاص ، وهي على واد مبهج يعرف بوادي عذراء ، وهو محدق بالأزهار والأشجار. وتسمى برجة بهجة لبهجة منظرها ، وفيها يقول أبو الفضل بن شرف القيرواني رحمه الله تعالى : [المتقارب]
رياض تعشّقها سندس |
|
توشّت معاطفها بالزّهر |
مدامعها فوق خدّي ربا |
|
لها نظرة فتنت من نظر |
وكلّ مكان بها جنّة |
|
وكلّ طريق إليها سقر |
وفيها أيضا قوله : [المجتث]
حطّ الرحال ببرجه |
|
وارتد لنفسك بهجه |
في قلعة كسلاح |
|
ودوحة مثل لجّه |
فحصنها لك أمن |
|
وروضها لك فرجه |
كلّ البلاد سواها |
|
كعمرة وهي حجّه |
وبمالقة التين الذي يضرب المثل بحسنه ، ويجلب حتى الهند والصين ، وقيل : إنه ليس في الدنيا مثله ، وفيه يقول أبو الحجّاج يوسف ابن الشيخ البلوي المالقي حسبما أنشده غير واحد ، منهم ابن سعيد : [السريع]
__________________
(١) سرقسطة : في شرق الأندلس ، وهي المدينة البيضاء ، وهي قاعدة من قواعد الأندلس وهي على ضفة نهر كبير ، ولها جسر عظيم وأسوار منيعة ، ومبان رفيعة (صفة جزيرة الأندلس ص ٩٦).
(٢) برجة : مدينة بالأندلس من أعمال إلبيرة تقع غربي المرية على مقربة من ساحل البحر.