يا سيّدي وأبي هوى وجلالة |
|
ورسول ودّي إن طلبت رسولا |
عرّج بقرطبة إذا بلّغتها |
|
بأبي الحسين وناده تمويلا |
وإذا سعدت بنظرة من وجهه |
|
أهد السلام لكفّه تقبيلا |
واذكر له شوقي وشكري مجملا |
|
ولو استطعت شرحته تفصيلا |
بتحية تهدى إليه كأنما |
|
جرّت على زهر الرياض ذيولا |
وفي باب اليهود بقرطبة يقول أبو عامر بن شهيد (١) : [المتقارب]
لقد أطلعوا عند باب اليهود |
|
بدرا أبى الحسن أن يكسفا |
تراه اليهود على بابها |
|
أميرا فتحسبه يوسفا |
واستقبحوا قولهم «باب اليهود» فقالوا «باب الهدى» وسنذكر قرطبة والزهراء والزاهرة ومسجدها في الباب المنفرد بها إن شاء الله تعالى ، وكذلك القنطرة.
ومن أعظم مدن الأندلس إشبيلية ـ قال الشقندي : من محاسنها اعتدال الهواء ، وحسن المباني ، ونهرها الأعظم الذي يصعد المدّ فيه اثنين وسبعين ميلا ثم يحسر ، وفيه يقول ابن سفر (٢) : [الكامل]
شقّ النسيم عليه جيب قميصه |
|
فانساب من شطّيه يطلب ثاره |
فتضاحكت ورق الحمام بدوحها |
|
هزأ فضمّ من الحياء إزاره |
وقيل لأحد من رأى مصر والشام : أيّهما رأيت أحسن؟ أهذان أم إشبيلية؟ فقال بعد تفضيل إشبيلية : شرفها غابة بلا أسد ، ونهرها نيل بلا تمساح ، انتهى.
ويقال : إن الذي بنى إشبيلية اسمه يوليس (٣) ، وإنه أول من سمّي قيصر ، وإنه لمّا دخل الأندلس أعجب بساحاتها وطيب أرضها وجبلها المعروف بالشّرف ، فردم على النهر الأعظم مكانا ، وأقام فيه المدينة ، وأحدق عليها بأسوار من صخر صلد ، وبنى في وسط المدينة قصبتين بديعتي الشأن تعرفان بالأخوين ، وجعلها أمّ قواعد الأندلس ، واشتقّ لها اسما من رومية ، ومن اسمه ، فسمّاها رومية يوليس ، انتهى.
__________________
(١) أبو عامر بن شهيد : هو أحمد بن عبد الملك ، ولد سنة (٣٨٢ ه) ه وتوفي سنة (٤٢٦ ه) من أكابر الشعراء بعد الفتنة القرطبية ، وصاحب التوابع والزوابع ، وله ديوان شعر.
(٢) ابن سفر : أبو عبد الله محمد بن سفر الأديب ، سكن إشبيلية (انظر : الوافي : ٣ : ١١٤).
(٣) في ب : يوليش.