ومن عمل بلنسية متيطة التي نسب إليها جماعة من العلماء والأدباء.
ومن عمل بلنسية مدينة أندة التي في جبلها معدن الحديد ، وأما رندة ـ بالراء ـ فهي في متوسط الأندلس ، ولها حصن يعرف بأندة أيضا.
وفي إشبيلية ـ أعادها الله! ـ من المتفرّجات والمتنزهات كثير ، ومن ذلك مدينة طريانة ، فإنها من مدن إشبيلية ومتنزهاتها ، وكذلك تيطل ، فقد ذكر ابن سعيد جزيرة تيطل في المتفرجات.
وقال أبو عمران موسى بن سعيد في جوابه لأبي يحيى صاحب سبتة لما استوزره مستنصر بني عبد المؤمن ، وكتب إلى المذكور يرغّبه في النقلة عن الأندلس إلى مرّاكش ، ما نصّ محلّ الحاجة منه : وأما ما ذكر سيدي من التخيير بين ترك الأندلس وبين الوصول إلى حضرة مراكش ، فكفى الفهم العالي من الإشارة قول القائل : [الكامل]
والعزّ محمود وملتمس |
|
وألذّه ما كان (١) في الوطن |
فإذا نلت بك السماء في تلك الحضرة ، فعلى من أسود فيها؟ ومن ذا أضاهي بها؟ : [الرمل]
لا رقت بي همّة إن لم أكن |
|
فيك قد أمّلت كلّ (٢) الأمل |
وبعد هذا ، فكيف أفارق الأندلس وقد علم سيدي أنها جنّة الدنيا بما حباها الله به من اعتدال الهواء ، وعذوبة الماء ، وكثافة الأفياء ، وأن الإنسان لا يبرح فيها بين قرّة عين وقرار نفس [الطويل]
هي الأرض لا ورد لديها مكدّر |
|
ولا طلّ (٣) مقصور ولا روض مجدب |
أفق صقيل ، وبساط مدبّج ، وماء سائح ، وطائر مترنّم بليل ، وكيف يعدل الأديب عن أرض على هذه الصفة؟ فيا سموأل الوفاء (٤) ، ويا حاتم السماح (٥) ، ويا جذيمة الصفاء (٦) ،
__________________
(١) في ب : ما نيل.
(٢) في ب : فوق.
(٣) في ب : ولا ظلّ.
(٤) السموأل : هو السموأل بن عادياء المشهور بالوفاء.
(٥) حاتم : هو حاتم الطائي ، مضرب المثل في الجود والكرم.
(٦) جذيمة : هو جذيمة الأبرش أحد ملوك العرب.