أنا لو لا النسيم والبرق والور |
|
ق وصوب الغمام ما كنت أصبو |
ذكّرتني شلبا ، وهيهات منّي |
|
بعدما استحكم التّباعد ، شلب |
وتسمى أعمال شلب كورة أشكونبة ، وهي متصلة بكورة أشبونة (١) ، وهي ـ أعني أشكبونة ـ قاعدة جليلة ، لها مدن ومعاقل ، ودار ملكها قاعدة شلب ، وبينها وبين قرطبة سبعة أيام ، ولمّا صارت لبني عبد المؤمن ملوك مراكش أضافوها إلى كورة إشبيلية ، وتفتخر شلب بكون ذي الوزارتين ابن عمّار منها ، سامحه الله!.
ومنها القائد أبو مروان عبد الملك بن بدران ، وربما قيل «ابن بدرون» (٢) الأديب المشهور ، شارح قصيدة ابن عبدون التي أولها : [البسيط]
الدّهر يفجع بعد العين بالأثر |
|
فما البكاء على الأشباح والصّور |
وهذا الشرح شهير بهذه البلاد المشرقية ، ومن نظم ابن بدرون المذكور قوله : [البسيط]
العشق لذّته التّعنيق والقبل |
|
كما منغّصه التثريب والعذل |
يا ليت شعري هل يقضى وصالكم |
|
لو لا المنى لم يكن ذا العمر يتّصل |
ومنها نحويّ زمانه وعلّامته أبو محمد عبد الله بن السّيد البطليوسي (٣) ، فإنّ شلبا بيضته ، ومنها كانت حركته ونهضته ، كما في الذخيرة ، وهو القائل : [المتقارب]
إذا سألوني عن حالتي |
|
وحاولت عذرا فلم يمكن |
أقول : بخير ، ولكنّه |
|
كلام يدور على الألسن |
وربّك يعلم ما في الصّدور |
|
ويعلم خائنة الأعين |
وقال الوزير أبو عمرو بن الغلّاس (٤) يمدح بطليوس بقوله : [الطويل]
بطليوس لا أنساك ما اتّصل البعد |
|
فلله غور في جنابك أو نجد (٥) |
__________________
(١) في ب : اكشونبة.
(٢) ابن بدرون : هو عبد الملك بن بدرون الحضرمي الشلبي المتوفى سنة (٦٠٨ ه). كان كاتبا أديبا شرح قصيدة ابن عبدون. وابن عبدون هو شاعر بني الأفطس (انظر التحفة ص ١٠٨ ، والمغرب ١ : ٣٧٤).
(٣) ابن السيد البطليوسي المتوفى سنة (٥٢١ ه) نسب إلى بطليوس لأنه لازمها كثيرا. (انظر : المغرب ١ : ٣٨٥).
(٤) في ب : الفلاس.
(٥) الغور : المنخفض من الأرض. والنجد : ما ارتفع منها.