إن كنت في الخلق أنثى |
|
فإنّ شعري مذكّر |
فقال لها اسمعي : [المتقارب]
ألا قل لنزهونة ما لها |
|
تجرّ من التّيه أذيالها |
ولو أبصرت فيشة شمّرت |
|
ـ كما عوّدتني ـ سربالها |
فحلف أبو بكر بن سعيد أن لا يزيد أحدهما على الآخر في هجو (١) كلمة ، فقال المخزومي : أكون هجّاء الأندلس وأكفّ عنها دون شيء؟ فقال : أنا أشتري منك عرضها فاطلب ، فقال : بالعبد الذي أرسلته فقادني إلى منزلك ، فإنه ليّن اليد رقيق المشي ، فقال أبو بكر : لو لا كونه صغيرا كنت أبلغك به مرادك ، وأهبه لك ، ففهم قصده وقال : أصبر عليه حتى يكبر ، ولو كان كبيرا ما آثرتني به على نفسك ، فضحك أبو بكر ، وقال : إن لم تهج نظما هجوت نثرا ، فقال : أيها الوزير ، لا تبديل لخلق الله. وانفصل المخزومي بالعبد بعد ما أصلح الوزير بينه وبين نزهون ، انتهى.
وفي كتاب «الدرّ المنضد ، في وفيات أعيان أمة محمد» تأليف الإمام (٢) صارم الدين إبراهيم بن دقماق ، قال أبو القاسم بن خلف : كان ـ يعني المخزومي المذكور ـ حيّا بعد الأربعين وخمسمائة ، انتهى.
ونقلت من كتاب «قطب السرور» لابن الرقيق المغربي ، ما ملخّصه : وممّن أدركته وعاشرته عبد الوهاب بن حسين بن جعفر الحاجب ، وذكرته هنا ؛ لأنه ملحق بالأمراء المتقدمين غير خارج منهم ولا مقصّر عنهم ، بل كان واحد عصره في الغناء الرائق ، والأدب الرائع ، والشعر الرقيق ، واللفظ الأنيق ، ورقّة الطبع ، وإصابة النادر ، والتشبيه المصيب ، والبديهة التي لا يلحق فيها ، مع شرف النفس ، وعلوّ الهمّة ، وكان قد قطع عمره ، وأفنى دهره ، في اللهو واللعب ، والفكاهة والطرب ، وكان أعلم الناس بضرب العود ، واختلاف طرائقه ، وصنعة اللحون ، وكثيرا ما يقول المعاني اللطيفة في الأبيات الحسنة ، ويصوغ عليها الألحان المطربة البديعة المعجبة ، اختراعا منه وحذقا ، وكانت له في ذلك قريحة وطبع ، وكان إذا لم يزره أحد من إخوانه أحضر مائدته وشرابه عشرة من أهل بيته ، منهم ولده وعبد الله ابن أخيه وبعض غلمانه ، وكلّهم يغنّي فيجيد ، فلا يزالون يغنّون بين يديه حتى يطرب ، فيدعو بالعود ويغني لنفسه ولهم ، وكان بشارة الزامر الذي يزمر عليه من حذّاق زمرة المشرق ، وكان بعيد
__________________
(١) في ب : هجوه.
(٢) في ب : الأمير.