المذكور ، فإذا صادف سبخة بني له رصيف وأجري عليه ، هكذا إلى أن انتهي به إلى البحر ، ثمّ دخل به في البحر ، وأخرج في جزيرة قادس ، والبنيان الذي عليه الماء في البحر ظاهر بيّن ، قال ابن سعيد : إلى وقتنا هذا.
ومنها الرصيف المشهور بالأندلس ، قال في بعض أخبار رومية : إنه لمّا ولي بوليش (١) المعروف بجاشر ، وابتدأ بتذريع الأرض وتكسيرها ، كان ابتداؤه بذلك من مدينة رومية إلى المشرق منها وإلى المغرب وإلى الشمال وإلى الجنوب ، ثم بدأ بفرش المبلّطة ، وأقبل بها على وسط دائرة الأرض إلى أن بلغ بها أرض الأندلس وركزها شرقي قرطبة ببابها المتطامن المعروف بباب عبد الجبار ، ثم ابتدأها من باب القنطرة قبليّ قرطبة إلى شقندة إلى إستجة إلى قرمونة إلى البحر ، وأقام على كل ميل سارية قد نقش عليها اسمه من مدينة رومية ، وذكر أنه أراد تسقيفها في بعض الأماكن راحة للخاطرين من وهج الصيف وهول الشتاء ، ثم توقّع أن يكون ذلك فسادا في الأرض وتغييرا للطرق عند انتشار اللصوص وأهل الشرّ فيها في المواضع المنقطعة النائية عن العمران ، فتركها على ما هي عليه. وذكر في هذه الآثار صنم قادس الذي ليس له نظير إلّا الصنم الذي بطرف جلّيقية ، وذكر قنطرة طليطلة ، وقنطرة السيف وقنطرة ماردة ، وملعب مربيطر.
قال ابن سعيد : وفي الأندلس عجائب ، منها الشجرة التي لو لا كثرة ذكر العامة لها بالأندلس ما ذكرتها ، فإنّ خبرها عندهم شائع متواتر ، وقد رأيت من يشهد بخبرها ورؤيتها ، وهم جمّ غفير ، وهي شجرة زيتون تصنع الورق والنّور والثمر من يوم واحد معلوم عندهم من أيام السنة الشمسية.
ومن العجائب : السارية التي بغرب الأندلس ، يزعم الجمهور أنّ أهل ذلك المكان إذا أحبّوا المطر أقاموها فيمطر الله جهتهم.
ومنها صنم قادس ، طول ما كان قائما كان يمنع الريح أن تهبّ في البحر المحيط فلا تستطيع المراكب الكبار على الجري فيه ، فلمّا هدم في أول دولة بني عبد المؤمن صارت السفن تجري فيه.
وبكورة قبرة (٢) مغارة ذكرها الرازي وحكى أنه يقال : إنها باب من أبواب الريح لا يدرك لها قعر.
__________________
(١) في ب : يوليش.
(٢) قبرة : مدينة بالأندلس بينها وبين قرطبة ثلاثون ميلا ، ذات مياه سائحة من عيون شتّى (انظر صفة جزيرة الأندلس. صفحة ١٤٩).