الباب الثاني
فتح الأندلس
في إلقاء الأندلس للمسلمين بالقياد ، وفتحها على يد موسى بن نصير ومولاه طارق بن زياد ، وصيرورتها ميدانا لسبق الجياد ، ومحطّ رحل الارتياء (١) والارتياد ، وما يتبع ذلك من خبر حصل بازديانه ازدياد ، ونبإ وصل إليه اعتيام (٢) وتقرّر بمثله اعتياد.
اعلم أنه لما قضى الله سبحانه بتحقيق قول رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : «زويت لي مشارق الأرض ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» وقع الخلاف بين لذريق ملك القوط وبين ملك سبتة الذي على مجاز الزّقاق ، فكان ما يذكر من فتح الأندلس على يد طارق وطريف ومولاهما الأمير موسى بن نصير ، رحم الله الجميع!.
وذكر الحجاري وابن حيّان وغيرهما أن أوّل من دخل جزيرة الأندلس من المسلمين برسم الجهاد طريف البربريّ مولى موسى بن نصير الذي تنسب إليه جزيرة طريف التي على المجاز ، غزاها بمعونة صاحب سبتة يليان النصراني ، لحقده على لذريق صاحب الأندلس ، وكان في مائة فارس وأربعمائة راجل ، جاز البحر في أربعة مراكب ، في شهر رمضان سنة إحدى وتسعين ، وانصرف بغنيمة جليلة ، فعقد موسى بن نصير صاحب المغرب لمولاه طارق بن زياد على الأندلس ، ووجّهه مع يليان صاحب سبتة ، انتهى.
وسيأتي في أمر طريف وغيره ما يخالف هذا السياق ، وهي أقوال.
وقال ابن حيّان : إن أول أسباب فتح الأندلس كان أن ولّى الوليد بن عبد الملك موسى بن نصير مولى عمّه عبد العزيز على إفريقية وما خلفها سنة ثمان وثمانين فخرج في نفر قليل من المطّوّعة (٣) ، فلما ورد مصر أخرج معه من جندها بعثا ، وفعل ذلك في إفريقية ،
__________________
(١) في ب : الارتياء. والارتباء : هو تقديم الربيئة أي الطليعة.
(٢) الاعتيام : مصدر اعتام ، أي اختار واصطفى.
(٣) المطّوّعة : أصله المتطوعة ، قلبت التاء طاء وادغمت الطاء بالطاء. والمطوّعة هي الجماعة التي تتطوع للجهاد.