الخليفة ، وتارة من قبل عامله بالقيروان ، وأثخنوا في أمم الكفر ، وافتتحوا برشلونة من جهة المشرق ، وحصون قشتالة وبسائطها من جهة الجوف ، وانقرضت أمم القوط ، وأوى (١) الجلالقة ومن بقي من أمم العجم إلى جبال قشتالة وأربونة وأفواه الدّروب فتحصّنوا بها ، وأجازت عساكر المسلمين ما وراء برشلونة من دروب الجزيرة حتى احتلّوا البسائط وراءها ، وتوغّلوا في بلاد الفرنجة ، وعصفت ريح الإسلام بأمم الكفر من كل جهة ، وربما كان بين جنود الأندلس من العرب اختلاف وتنازع أوجد للعدوّ بعض الكرّة ، فرجّع الإفرنج ما كانوا غلبوهم عليه من بلاد برشلونة لعهد ثمانين سنة من لدن فتحها ، واستمرّ الأمر على ذلك».
وكان محمد بن يزيد عامل إفريقية لسليمان بن عبد الملك ـ لمّا بلغه مهلك عبد العزيز بن موسى بن نصير ـ بعث إلى الأندلس الحرّ بن عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، فقدم الأندلس ، وعزل أيوب بن حبيب ، وولي سنتين وثمانية أشهر.
ثم بعث عمر بن عبد العزيز على الأندلس السّمح بن مالك الخولاني على رأس المائة من الهجرة ، وأمره أن يخمس أرض الأندلس (٢) ، فخمسها ، وبنى قنطرة قرطبة ، واستشهد غازيا بأرض الفرنجة سنة اثنتين ومائة ، فقدّم أهل الأندلس عليهم عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي إلى أن قدم عنبسة بن سحيم (٣) الكلبي من قبل يزيد بن أبي مسلم عامل إفريقية ، فقدمها في صفر سنة ثلاث ومائة ، فاستقام أمر الأندلس ، وغزا الفرنجة ، وتوغّل في بلادهم ، واستشهد سنة سبع ومائة لأربع سنين وأربعة أشهر».
ثم تتابعت ولاة الأندلس من قبل أمراء إفريقية ، فكان أولهم يحيى بن سلمة الكلبي ، أنفذه بشر بن صفوان الكلبي والي إفريقية ، لمّا استدعى منه أهل الأندلس واليا بعد مقتل عنبسة ، فقدمها آخر سنة سبع ، وأقام في ولايتها سنتين ونصفا ، ولم يغز ، وقدم إليها عثمان بن أبي نسعة اللخمي واليا من قبل عبيدة بن عبد الرحمن السّلمي صاحب إفريقية ، وعزله لخمسة أشهر بحذيفة بن الأحوص القيسي فوافاها سنة عشر ، وعزل قريبا يقال : لسنة من ولايته ، واختلف : هل تقدّمه عثمان أو هو تقدّم عثمان؟ ثم ولي بعده الهيثم بن عبيد الكلابي من قبل عبيدة بن عبد الرحمن أيضا ، قدم في المحرم سنة إحدى عشرة ، وغزا أرض مقوشة فافتتحها. وتوفي سنة ثلاث عشرة ومائة لسنتين من ولايته ، وقدم بعده محمد بن عبد الله الأشجعي ،
__________________
(١) في ب : وآزر.
(٢) بخمس أرض الأندلس : أي يأخذ خمس ريعها.
(٣) في ب : الخثعمي.