ذخرا ، وغيثنا وغوثنا وسيّدنا ونبيّنا ومولانا محمد الطيب المنابت والأعراق.
صلّى الله عليه وسلّم ، ووجّه وفود التعظيم إليه ، من مفرد في جماله صار لجمع الأنبياء تماما ، وفذّ في كماله تقدّم في حضرة التقديس التي أسست على التشريف أعظم تأسيس فصلّى (١) بالمرسلين إماما ، وصدر تحلّى بجميل الأوصاف ، كالوفاء والعفاف ، والصدق والإنصاف ، فزكا في أعماله ، وبلّغ الراجي منتهى آماله ، ولم يخلف وعدا ولم يخفر ذماما ، وسيّد كسي حلل العصمة ، من كلّ مخالفة وذنب ووصمة ، فلم يصرف لغير طاعة مولاه ، الذي أولاه من التفضيل ما أولاه اهتبالا (٢) واهتماما.
وعلى آله وعترته ، الفائزين بأثرته ، أنصار الدين ، والمهاجرين المهتدين ، وأشياعه وذريته ، الطالعين نجوما في سماء شهرته ، وأتباعهم القائمين بحقوق نصرته ، أرباب العقل الرّصين ، الفاتحين بسيوف دعوته أبواب المعقل الحصين ، حتى بلغت أحكام ملته ، وأعلام بعثته ، من بالأندلس والصّين ، فضلا عن الشأم والعراق.
ورضي الله تعالى عن علماء أمّته المصنّفين في جميع العلوم والفنون ، وعظماء سنته الموفين للطلاب بالآراب ، المحققين لهم الظنون ، وحكماء شرعته المتبصرين بحدوث من مرّت عليه الأيام والشّهور ، وكرّت عليه الآناء والدهور والأعوام والسنون ، المتدبرين في عواقب من كان بهذه البسيطة من السكان المتذكرين على قدر الإمكان بمن طحنته رحى المنون (٣) ، من أملاك العصور الخالية ، وملّاك القصور العالية ، وذوي الأحوال التي هي بسلوك الاختلاف حالية ، من بصير وأعمى ، وفقير وذي نعمى ، ومختال تردّى بكبريائه ، ومختال على ما بأيدي الناس بسمعته وريائه ، وعاقل أحسن العمل ، وغافل افتتن بالأمل ، وكارع في حياض الشريعة ، وراتع برياض الآداب المريعة ، وذي ورع سدّ عمّا رابه الذريعة ، وأخي طمع في أن يدرك آرابه من الدنيا الوشيكة الزوال السريعة ، ومقتبس من نبراس (٤) الرواية ، وملتبس بأدناس الغواية ، وشاعر هام في كل واد ، وقال ما لم يفعل ، فكان للغاوين من الروّاد ، وجاهل عمر الخراب ، وخدع بالسّراب ، عن أعذب الشّراب ، ومحقق علم أنه إذا جاء القدر عمي البصر ممن كان أحذر من غراب ، وموفق تيقن أن غير الله فإن ، وكل الذي فوق التراب تراب (٥) ،
__________________
(١) سقطت في أ. وأثبتناها من به.
(٢) اهتبالا : اغتناما للفرصة.
(٣) المنون : الموت.
(٤) النبراس : المصباح.
(٥) يشير إلى قول المتنبي :
إذا صحّ منك الودّ فالكلّ هيّن |
|
وكلّ الذي فوق التراب تراب |