إفريقية ، ثم بقابس مدّة طويلة ، ثم استدعاه أمير المؤمنين المستنصر بالله الحفصي ، وأحضره مجالس أنسه ، وداخله مداخلة شديدة ، حتى تغلّب على أكثر أمره.
ومولده بجزائر شقر في شهر رمضان المعظم سنة ٥٨٠ ، وتوفي ليلة الجمعة الموفية عشرين من ذي الحجة سنة ٦٥٨ ، ألحفه الله رضوانه ، وجدّد عليه غفرانه!.
قال ابن الأبار في «تحفة القادم» في حق أبي المطرف المذكور : فائدة هذه المائة ، والواحد يفي بالفئة ، الذي اعترف باتحاده الجميع ، واتصف بالإبداع فماذا يتّصف به البديع (١) ، ومعاذ الله أن أحابيه بالتقديم ، لما له من حقّ التعليم ، كيف وسبقه الأشهر ، ونطقه الياقوت والجوهر ، تحلّت به الصحائف والمهارق (٢) ، وما تخلّت عنه المغارب والمشارق ، فحسبي أن أجهد في أوصافه ، ثم أشهد بعدم إنصافه ، هذا على تناول الخصوص والعموم لذكره ، وتناوب المنثور والمنظوم على شكره ، ثم أورد له جملة منها قوله : [الكامل]
وأجلت فكري في وشاحك فانثنى |
|
شوقا إليك يجول في جوّال |
أنصفت غصن البان إذ لم تدعه |
|
لتأوّد مع عطفك الميّال |
ورحمت درّ العقد حين وضعته |
|
متواريا عن ثغرك المتلالي |
كيف اللقاء وفعل وعدك سينه |
|
أبدا تخلصه للاستقبال |
وكماة قومك نارهم ووقيدها |
|
للطارقين أسنّة وعوالي |
وله مما يكتب على قوس قوله : [الكامل]
ما انآد معتقل القنا إلّا لأن |
|
يحكي تأطّر قامتي العوجاء (٣) |
تحنو الضلوع على القلوب وإنّني |
|
ضلع ثوى فيها بأعضل داء |
وله وقد أهدى وردا : [البسيط]
خذها إليك أبا عبد الإله فقد |
|
جاءتك مثل خدود زانها الخفر (٤) |
أتتك تحكي سجايا منك قد عذبت |
|
لكن تغيّر هذا دونه الغير |
__________________
(١) البديع : هو بديع الزمان الهمذاني ، صاحب المقامات المعروفة باسمه.
(٢) المهارق : جمع مهرق : وهو الصحيفة.
(٣) انآد : اعوجّ ، والتأطر : التعطف والانثناء.
(٤) الخفر : الحياء.