إذا ما بدت لي شمس النّها |
|
ر طالعة ذكّرتني طروبا |
أنا ابن الميامين من غالب |
|
أشبّ حروبا وأطفي حروبا |
وخرج غازيا إلى جلّيقية فطالت غيبته فكتب إليها : [المتقارب]
عداني عنك مزار العدا |
|
وقودي إليهم سهاما مصيبا |
فكم قد تخطّيت من سبسب |
|
ولاقيت بعد دروب دروبا(١) |
ألاقي بوجهي سموم الهجي |
|
ر إذ كاد منه الحصى أن يذوبا |
تدارك بي الله دين الهدى |
|
فأحييته وأمتّ الصليبا |
وسرت إلى الشّرك في جحفل |
|
ملأت الحزون به والسّهوبا (٢) |
وساق بعض المؤرخين قضية طروب هذه بقوله : إنّ السلطان المذكور أغضبها فهجرته ، وصدّت عنه ، وأبت أن تأتيه ، ولزمت مقصورتها ، فاشتدّ قلقه لهجرها ، وضاق ذرعه من شوقها ، وجهد أن يترضّاها بكل وجه فأعياه ذلك ، فأرسل من خصيانه من يكرهها على الوصول إليه ، فأغلقت باب مجلسها في وجوههم ، وآلت أن لا تخرج إليهم طائعة ، ولو انتهى الأمر إلى القتل ، فانصرفوا إليه وأعلموه بقولها ، واستأذنوه في كسر الباب عليها ، فنهاهم وأمرهم بسدّ الباب عليها من خارجه ببدر الدراهم ، ففعلوا ، وبنوا عليها بالبدر ، وأقبل حتى وقف بالباب وكلّمها مسترضيا راغبا في المراجعة على أنّ لها جميع ما سدّ به الباب ، فأجابت وفتحت الباب ، فانهالت البدر في بيتها ، فأكبّت على رجله تقبّلها ، وحازت المال ، وكانت تبرم الأمور مع مضر (٣) الخصيّ فلا يردّ شيئا ممّا تبرمه.
وأحبّ أخرى اسمها مدثرة فأعتقها وتزوّجها ، وأخرى كذلك اسمها الشفاء ، وأمّا جاريته قلم فكانت أديبة ، حسنة الخط ، راوية للشعر ، حافظة للأخبار ، عالمة بضروب الأدب. وكان مولعا بالسّماع ، مؤثرا له على جميع لذّاته ، وله أخبار كثيرة ، رحمه الله!.
ولمّا مات ولي ابنه محمد ، فبعث لأول ولايته عساكر مع موسى بن موسى صاحب
__________________
(١) السبسب : الصحراء. والدروب : جمع درب ، وهو الطريق إلى بلاد الروم.
(٢) الجحفل : الجيش الكثير العدد. والحزون : جمع حزن ، وهو ما غلظ من الأرض. والسهوب : جمع سهب ، وهو الفلاة ، وأراد به ما لان من الأرض.
(٣) في ب : نصر.