وأربعين وأربعمائة ، فتغلّب على مالقة ، وسار محمد إلى ألمريّة مخلوعا ، ثم استدعاه أهل المغرب إلى مليلة فأجاز إليهم وبايعوه سنة ست وخمسين ، وتوفي سنة ستّين.
وكان محمد بن القاسم بن حمّود لمّا اعتقل أبوه القاسم بمالقة سنة أربع عشرة فرّ من الاعتقال ولحق بالجزيرة الخضراء وملكها ، وتلقّب بالمعتصم ، إلى أن هلك سنة أربعين. ثم ملكها بعده ابنه القاسم الواثق ، إلى أن هلك سنة خمسين ، وصارت الجزيرة للمعتضد بن عبّاد ، ومالقة لابن حبوس مزاحما لابن عباد.
وانقرضت دولة الأشراف الحمّوديين من الأندلس ، بعد أن كانوا يدّعون الخلافة.
وأما قرطبة فإن أهلها لمّا قطعوا دعوة الحمّوديين بعد سبع سنين من ملكهم وزحف إليهم القاسم بن حمّود في البربر ، فهزمهم أهل قرطبة ، ثم اجتمعوا واتّفقوا على ردّ الأمر لبني أميّة ، واختاروا لذلك عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبّار أخا المهدي ، وبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة ، ولقّبوه المستظهر وقاموا بأمره ، ومن شعره قوله : [مجزوء الرمل]
طال عمر الليل عندي |
|
مذ تولّعت بصدّي |
يا غزالا نقض العه |
|
د ولم يوف بوعد |
أنسيت العهد إذ بت |
|
نا على مفرش ورد |
واجتمعنا في وشاح |
|
وانتظمنا نظم عقد |
ونجوم الليل تحكي |
|
ذهبا في لازورد (١) |
قال الحجاري : لو قال «لؤلؤا في لازورد» لكان أحسن تشبيها ، وأنشد متمثلا : [مجزوء الكامل]
إنّا عصابتك الألى |
|
كنّا نكابد ما تكابد |
هذا أوان بلوغنا الن |
|
عمى وإنجاز المواعد |
وكان حسان بن أبي عبدة (٢) من وزراء المستظهر ، ولمّا أكثر المستظهر دونه الاستبداد كتب إليه بقوله : [الطويل]
__________________
(١) تحكي : تشبه. واللازورد : معدن شهير ، أشهر أنواعه الشفّاف الصافي الأزرق الضارب إلى خضرة وحمرة.
(٢) هو حسان بن مالك بن أبي عبدة الوزير ، أحد أئمة الأدب واللغة ، توفي قبل سنة ٤٢٠ ه. (المطمح صفحة ٢٦ ، والبغية صفحة ٦٦٢).