ومن ملوك الطوائف بالأندلس بنو هود ملوك سرقسطة وما إليها ، ومن أشهرهم المقتدر بالله ، وابنه يوسف المؤتمن ، وكان المؤتمن قائما على العلوم الرياضية ، وله فيها تآليف ، ومنها كتاب الاستكمال والمناظر ، وولي بعده ابنه المستعين أحمد سنة أخذ طليطلة ، وعلى يده كانت وقعة وشقة ـ زحف سنة تسع وثمانين في آلاف لا تحصى من المسلمين ليدافع الطاغية عن وشقة ، وكان محاصرا لها ، فلقيه الطاغية وهزمه ، وهلك من المسلمين نحو عشرة آلاف ، وهلك هو شهيدا سنة ثلاث وخمسمائة ، بظاهر سرقسطة في زحف الطاغية إليها. وولي ابنه عبد الملك عماد الدولة ، وأخرجه الطاغية من سرقسطة سنة ثنتي عشرة ، وتولّى ابنه سيف الدولة ، وبالغ في النكاية بالطاغية ، ثم اتّفق معه ، وانتقل بحشمه إلى طليطلة ، فكان فيها حمامه (١).
ومن شعر المقتدر بن هود قوله رحمه الله في مبانيه : [الكامل]
قصر السرور ومجلس الذّهب |
|
بكما بلغت نهاية الأرب |
لو لم يحز ملكي خلافكما |
|
كانت لديّ كفاية الطّلب |
ومن مشاهير ملوك الطوائف بنو الأفطس أصحاب بطليوس وما إليها ، والمظفر منهم هو صاحب التأليف المسمّى بالمظفري في نحو الخمسين مجلدا ، والمتوكّل منهم قتل على يد جيش يوسف بن تاشفين ، وفيه قال ابن عبدون قصيدته المشهورة : [البسيط]
الدهر يفجع بعد العين بالأثر |
|
فما البكاء على الأشباح والصّور |
وهي من غرر القصائد الأندلسية (٢).
ولما استولى ملوك لمتونة على بلاد الأندلس (٣) وأزالوا ملوك الطوائف منها ، وبقيت عمّالهم تتردّد إليها وبنوهم حتى فشلت ريحهم ، وهبّت ريح الموحدين ، أعني عبد المؤمن بن علي وبنيه ، فحاربوا لمتونة ، واستولوا على ملكهم بالمغرب بعد حروب كثيرة ، ثم أجازوا البحر إلى الأندلس ، وملكوا أكثر بلاد الأندلس ، وملك بنو مردنيش شرق الأندلس ، وملخص ذلك أن الأندلس كان ملكها مجموعا للمتونة بعد خلعهم ملوك الطوائف ، فلما اشتغل لمتونة في العدوة بحرب الموحّدين اضطربت عليهم الأندلس ، وعادت إلى الفرقة بعض الشيء ، ثم خلص أكثرها لعبد المؤمن وبنيه بعد حروب منها ما حصل بين عبد المؤمن وبين ابن مردنيش
__________________
(١) الحمام : الموت.
(٢) في ب : كلمة «الأندلسية» ساقطة.
(٣) هذه الجملة ساقطة في ج.