والأسجاع ، وتمثّلنا في بدائعها التي لا نستوفيها ، بقول ابن ناهض فيها (١) : [مجزوء الرجز]
شاطىء مصر جنّة |
|
ما مثلها في بلد |
لا سيّما مذ زخرفت |
|
بنيلها المطّرد |
وللرياح فوفه |
|
سوابغ من زرد (٢) |
مسرودة ما مسّها |
|
داودها بمبرد (٣) |
سائلة وهو بها |
|
يرعد عاري الجسد |
والفلك كالأفلاك بي |
|
ن حادر ومصعد |
وبقول آخر : [مجزوء الكامل]
انظر إلى النّيل الّذي |
|
ظهرت به آيات ربّي |
فكأنه في فيضه |
|
دمعي وفي الخفقان قلبي |
وبقول أبي المكارم بن الخطير ، المعروف بابن ممّاتي (٤) ، في جزيرتها : [الطويل]
جزيرة مصر ، لا عدتك مسرّة |
|
ولا زالت اللّذات فيك اتّصالها |
فكم فيك من شمس على غصن قامة |
|
يميت ويحيي هجرها ووصالها |
مغانيك فوق النيل أضحت هوادجا |
|
ومختلفات الموج فيك حبالها |
ومن أعجب الأشياء أنك جنّة |
|
تمدّ على أهل الضلال ظلالها |
لعلّه أراد بأهل الضلال اليهود والنصارى المستولين إذ ذاك على الدولة. وتذكّرت في مصر قول القاضي الفاضل (٥) : [الكامل]
بالله قل للنّيل عنّي إنّني |
|
لم أشف من ماء الفرات غليلا |
وسل الفؤاد فإنه لي شاهد |
|
إن كان طرفي بالبكاء بخيلا |
يا قلب ، كم خلّفت ثمّ بثينة |
|
وأظنّ صبرك أن يكون جميلا |
__________________
(١) وردت هذه الأبيات في رحلة ابن بطوطة ص ٣٢ للشاعر ناصر الدين بن ناهض.
(٢) السوابغ : الدروع الواسعة ، وشبه سطح الماء بالدرع.
(٣) مسرودة : منسوجة ، وتنسب الدروع لنبي الله داود ـ عليه السلام ـ لأنه كان يصنعها.
(٤) هو أبو المكارم الخطير الأسعد بن الخطير المعروف بابن مماتي المتوفى سنة ٦٠٦ ه. كان ناظر الدواوين بالديار المصرية (معجم الأدباء ٦ / ١٠٠ ووفيات الأعيان ١ / ١٨٧).
(٥) هو عبد الرحيم بن علي البيساني المتوفى سنة ٥٩٦ ه. (انظر وفيات الأعيان ٢ / ٣٣٣).