هب الرّوض لا يثني على الغيث نشره |
|
أتحسبه تخفى مآثره الحسنى |
وقد تذكرت بلادي النائية ، بذلك المرأى الشامي الذي يبهر رائيه ، فلما شئت من أنهار ذات انسجام ، أترع فيها من جريال الأنس جام ، وأزهار متوّجة للأدواح ، مروّحة للنفوس بعاطر الأرواح ، وحدائق تعشي أنوارها الأحداق ، وعيانها للخبر عنها مصداق وأي مصداق : [الكامل]
فهي التي ضحك النهار (١) صباحها |
|
وبكت عشيّتها عيون النرجس |
واخضرّ جانب نهرها فكأنّه |
|
سيف يسلّ وغمده من سندس |
وجنان ، أفنانها في الحسن ذوات افتنان : [الخفيف]
صافحتها الرياح فاعتنق السّر |
|
وومالت طواله للقصار |
لائذ بعضه ببعض كقوم |
|
في عتاب مكرّر واعتذار |
وبطاح راق سناها ، وكمل حسنها وتناهى ، كما قلت مضمّنا في ذلك المنحى ، لقول بعض من نال في البلاغة منى (٢) ومنحا : [الوافر]
دمشق لا يقاس بها سواها |
|
ويمتنع القياس مع النّصوص |
حلاها راقت الأبصار حسنا |
|
على حكم العموم أو الخصوص |
بساط زمرّد نثرت عليه |
|
من الياقوت ألوان الفصوص |
ولله درّ القائل ، في وصف تلك الفضائل : [الخفيف]
إن تكن جنّة الخلود بأرض |
|
فدمشق ، ولا يكون سواها |
أو تكن في السماء فهي عليها |
|
قد أمدّت هواءها وهواها |
بلد طيّب وربّ غفور |
|
فاغتنمها عشيّة أو ضحاها |
وعند رؤيتي لتلك الأقطار ، الجليلة الأوصاف العظيمة الأخطار (٣) ، تفاءلت بالعود إلى أوطان لي بها أوطار ، إذ التشابه بينهما قريب في الأنهار والأزهار ، ذات العرف المعطار ، وزادت هذه بالتقديس الذي همعت عليها منه الأمطار ، وتمثّلت بقول الأصفهاني ، وإن غيّرت يسيرا منه لما أسفرت وجوه التهاني : [مجزوء الكامل]
__________________
(١) في ب : البهار بدل النهار.
(٢) في ب : منّا.
(٣) الأخطار : جمع خطر ، وهو ارتفاع القدر.