لمّا وردت الصالحي |
|
ية حيث مجتمع الرّفاق |
وشممت من أرض الشآ |
|
م نسيم أنفاس العراق |
أيقنت لي ولمن أحب |
|
بجمع شمل واتّفاق |
وضحكت من فرح اللقا |
|
ء كما بكيت من الفراق |
لم يبق لي إلّا تجش |
|
شم أزمن السّفر البواقي |
حتى يطول حديثنا |
|
بصفات ما كنّا نلاقي |
وكنت قبل حلولي بالبقاع الشامية مولعا بالوطن لا سواه ، فصار القلب بعد ذلك مقسّما بهواه : [الطويل]
ولي بالحمى أهل وبالشّعب جيرة |
|
وفي حاجر خلّ وفي المنحنى صحب (١) |
تقسّم ذا القلب المتيّم بينهم |
|
سألتكم بالله هل يقسم القلب؟ |
فيا لك من صبّ مراع للذمام ، منقاد لشوقه بزمام ، يخيّل له أنه سمع صوت قيان ، بقول الأول : [الطويل]
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة |
|
وبالشام أخرى كيف يلتقيان |
وفرد تعدّدت جموعه ، ووشت بما أكنّت ضلوعه دموعه ، فأنشد وقد تحيّر ، ما بدّل فيه من عظم ما به وغيّر : [البسيط]
كتمت شأن الهوى يوم النّوى فوشى |
|
بسرّه من جفوني أيّ نمّام |
كانت لياليّ بيضا في دنوّهم |
|
فلا تسل بعدهم عن حال أيامي |
ضنيت وجدا بهم والناس تحسب بي |
|
سقما فأبهم حالي عند لوّامي |
وليس أصل ضنى جسمي النحيل سوى |
|
فرط اشتياقي لأهل الغرب والشام |
وحصل التحيّر ، حيث لم يمكن الجمع ولا الخلوّ عند التخيّر ، كما قال ابن دقيق العيد (٢) ، في مثل هذا الغرض البعيد : [الطويل]
إذا كنت في نجد وطيب نعيمه |
|
تذكّرت أهلي باللّوى فمحسّر |
__________________
(١) المنحنى ، والشّعب ، وحاجر : أمكنة.
(٢) هو محمد بن علي بن مطيع القشيري المشهور بابن دقيق العيد (٧٠٢ ه) كان عالما فقيها (انظر طبقات السبكي ج ٦ ص ٢).