وإن كنت فيهم زدت شوقا ولوعة |
|
إلى ساكني نجد وعيل تصبّري (١) |
فقد طال ما بين الفريقين موقفي |
|
فمن لي بنجد بين أهلي ومعشري |
وبالجملة فالاعتراف بالحقّ فريضة ، ومحاسن الشام وأهله طويلة عريضة ، ورياضه بالمفاخر والكمالات أريضة (٢) ، وهو مقرّ الأولياء والأنبياء ، ولا يجهل فضله إلّا الأغمار الأغبياء ، الذين قلوبهم مريضة : [البسيط]
أنّى يرى الشّمس خفّاش يلاحظها |
|
والشمس تبهر أبصار الخفافيش |
ولله درّ من قال في مثل هذا من الأرضياء : [الوافر]
وهبني قلت هذا (٣) الصّبح ليل |
|
أيعمى العالمون عن الضّياء |
وقال آخر فيمن عن الحق ينفر : [الطويل]
إذا لم يكن للمرء عين بصيرة |
|
فلا غرو أن يرتاب والصّبح مسفر |
وحسب الفاضل اللبيب ، أن يروي قول البدر بن حبيب (٤) : [السريع]
عرّج إذا ما شمت برق الشآم |
|
وحيّ أهل الحيّ واقر السلام |
وانزل بإقليم جزيل الحيا |
|
بارك فيه الله ربّ الأنام |
العزّ والنّصر لديه ، وما |
|
لعروة الإسلام عنه انفصام |
من أولياء الله كم قد حوى |
|
ركنا بمرآه يطيب المقام |
وهو مقرّ الأنبياء الألى |
|
والأصفياء الأتقياء الكرام |
كم من شهيد في حماه وكم |
|
من عالم فرد وكم من إمام |
ولذلك اعتنت الجهابذة بتخليد أخباره في الدواوين ، وابتنت الأساتذة بيوت افتخاره المنيفة الأواوين ، وتناقلت أنباءه البديعة ألسن الراوين ، وهامت بأماكنه المريعة هداة الشريعة فضلا عن الشعراء الغاوين ، ومع ذلك فهم في التعبير عن عجائبه غير متساوين ، أولا يرى أنهم يأتون من مقولهم ، على قدر رأيهم وعقولهم ، ولم يبلغ جمع منهم ما كانوا له ناوين : [الطويل]
__________________
(١) عيل تصبّري : ضعف.
(٢) الرياض الأريضة : الكثيرة العشب.
(٣) في ب : إنّ.
(٤) هو بدر الدين الحسن بن حبيب الحلبي المتوفى سنة ٧٧٩ ه (الدرر الكامنة ج ٢ ص ٢٩).