الذي يروي من أحاديث الفضل الحسان والصحاح ، فوعدته بالشروع في المطلب عند الوصول إلى القاهرة المعزّيّة ، وأزمعت السّير عن دمشق المعروفة المزيّة ، وألبسني السفر منها من الخلع زيّه ، ورحلنا عن تلك الأرجاء المتألّقة ، والقلوب بها وبمن فيها متعلّقة : [الطويل]
حللنا ديارا للغرام سرت بها |
|
إلينا صبا نجد بطيب نسيم |
وبان ردا الأشجان لمّا تجاذبت |
|
أكفّ المنى فيها رداء نعيم |
فما أنشبتنا العيس أن قذفت بنا |
|
إلى فرقة والعهد غير قديم |
فإن نك ودّعنا الديار وأهلها |
|
فما عهد نجد عندنا بذميم |
فخرج معنا. أسماه الله. مع جملة من الأعيان إلى داريّا (١) ، المضاهية لدارين في ريّاها وحبّذا ريّا ، فألفيناها : [مجزوء الكامل]
ريّا من الأنداء طي |
|
يبة لها القدر الجليل |
تهدي لنا أرجاؤها |
|
أرجا من الزّهر البليل |
وبها الغصون تمايلت |
|
ميل الخليل على الخليل |
ووصلنا عند الظّهيرة ، وسرّحنا العيون في محاسنها (٢) الشهيرة : [الخفيف]
منزل كالرّبيع حلّت عليه |
|
حاليات السّحاب عقد النّطاق |
يمتع العين من طرائق حسن |
|
تتجافى بها عن الإطراق |
وقلنا بها ، لمّا نزلنا بجانبها (٣) : [الوافر]
وبتنا والسرور لنا نديم |
|
وماء عيونه الصّافي مدام |
يسايره النسيم إذا تغنّت |
|
حمائمه ويسقيه الغمام |
فيا لك من ليلة أربت في طيب النفح ، على ليلة الشّريف الرضيّ بالسّفح (٤) : [المنسرح]
ونحن في روضة مفوّفة |
|
قد وشّيت بالغمائم الوكف |
__________________
(١) داريا : جنوبيّ دمشق.
(٢) في ب : بدائعها.
(٣) في ب : بجنابها.
(٤) يشير إلى قول الشريف الرضيّ في ليلة السفح :
يا ليلة السفح ألا عدت ثانية |
|
سقى زمانك هطّال من الديم |
ماض من العيش لو يفدى بذلت له |
|
كرائم المال من خيل ومن نعم |