ووصى لي ابنه أبو عبد الله الحسين بن محمد الشجاعي بهذا الكتاب وبسائر كتبه ، والنسخة المقروءة (المقروة) عندي) (٧).
وربما صرح باسم ناسخ الكتاب أحيانا ، في محاولة للتأكيد على سلامة النسخة ، والوثوق من صحة نسبة الكتاب إلى صاحبه ، وأنه تلقاه مباشرة من خط فلان ، فهو يقول عن نسخة لكتاب وصله للحسين بن عبيد الله السعدي : (هذه أبواب الكتاب نقلتها من خط أبي العباس أحمد بن علي بن نوح) (٨).
ويمكن القول : إن هذا المنهج المعتمد لدى القدماء في تثبيت صحة نسبة الكتاب إلى صاحبه ، من المناهج الدقيقة التي يقطع فيها الطريق على محاولات المنتحلين والوضاعين ، فإن النجاشي مثلا لم يكتف بذكر طريقه أو طرقه للكتاب التي تنتهي بمؤلفه ، وبيان وسائط وصول الكتاب إليه ، وإنما سعى في مرات كثيرة لوصف نوع النسخة أو النسخ ، وناسخها ، ومدى إمكانية الاعتماد عليها ، والاختلاف فيها الناشئ من اختلاف نسخها ، بل حاول أن يكشف لنا أحيانا ما إذا كان الاختلاف يرجع إلى أمر كاختلاف الرواة مثلا ، كما في قوله عن كتاب بكر بن صالح الرازي :
(وهذا الكتاب يختلف باختلاف الرواة عنه) (٩).
وهذا المنهج الذي التزم به النجاشي في تدوين كتابه ، هو نموذج تطبيقي لما تبناه العلماء المسلمون في تدوين مصنفاتهم ، وقد يحسب البعض خطأ أن التقاليد العلمية الحديثة المستخدمة في تحقيق ونشر النصوص التراثية لم تكن معروفة فيما مضى ، ولكن الخبير بالتراث الإسلامي يعرف أن الكثير من الأساليب العلمية في تقويم النصوص وضبطها ، كانت شائعة لدى القدماء ، فقد
__________________
(٧) ن. م : ص ٣٨٣.
(٨) ن. م : ص ٤٤.
(٩) ن. م : ص ١٠٩.