الحضارة الإسلامية في الجانب الثقافي.
وثانيا : إن الإجازات المتأخرة ـ وإن فقدت بعض عناصرها الأصلية ـ إلا أنها اعتمدت على احتواء الطرق المؤثرة في معرفة طبقات العلماء ، ونسبة أسماء الكتب المؤثرة في الفهرسة ، والتحقق من الأقوال والآراء المؤثرة في تاريخ العلوم ، ومعرفة الاتفاق ، أو الاجماع ، أو الاختلاف أو الانفراد.
وأما أوضح آثار هذه الإجازات المتأخرة فهي الفوائد التاريخية التي تحتويها من تراجم العلماء ونشاطاتهم العلمية ، وتخصصاتهم وانتماءاتهم ، وأخبارهم ، وما إلى ذلك مما يدخل في فرع الترجمة والبيوغرافية.
ثالثا : إن الإجازة ـ ولو بشكلها الصوري المتداول ـ هي الأوفق بالاحتياط ، عندما يشترط في الفقيه أن تكون الرواية قد بلغته ، ليصح أن يكون (راويا لها) لأن صدق اسم الراوي لا يتم إلا بعد (البلوغ والتحمل).
وبما أن الطرق كلها مفقودة ، ولم يبق إلا (الوجادة) التي هي أضعف الطرق ، مع أن (الوجادة) الفعلية أيضا فاقدة للعناصر المهمة اللازمة فيها ، فيكون اللجوء إلى الإجازة ـ ولو الاسمية ـ أقرب إلى الاحتياط لتحقيق البلوغ ، وصدق الاسم.
وهذا معنى ما يقال : إن فائدة الإجازة ـ في عصرنا ـ هو : الانسلاك والاندراج في سلسلة رواة الحديث.
وبهذا يمكن القول بأن الإجازة ـ ولو بصورتها الفعلية ـ أهم مما قد يتراءى من بعضهم ، حيث عدوها عملية (تبرك وتيمن) فحسب! لأن الفوائد التي عرضناها ، هي التي جعلت العلماء الأعلام يهتمون بأمرها ، ويصرفون أوقاتهم الغالية في تأليفها وجمعها وتنظيمها وإدراجها في أعمالهم وتصانيفهم.
وإذا أعطى أولئك الذين يستهينون بأمر الإجازة ـ ولو بشكلها المتأخر ـ