الإجازة في الأدب الإسلامي :
ولقد فرضت (الإجازة) نفسها على الأدب ، لكونها واحدا مما كثر تداوله وشاع القيام به بين العلماء والذين يمسك كثير منهم بأزمة الأدب (٤) فقد قام من أوتي موهبة الشعر وملك سليقته بنظم الإجازة ، في مقطوعة شعرية جميلة.
بل تكلف بعضهم بنظم ما أراد إسهاما منه في تخليد إجازة شعرية.
فتكون من ذلك نوع جديد من الأدب ، يجمع بين جمال الشعر وروعته ، وبين قيمة العلم وعظمته ، وبين مجد الحديث وقدسيته.
ولقد وجدت في جمع (الإجازات المنظومة) وعرضها إثارة لموضوع (الإجازة) بلغة جميلة ، يستذوقها المتأدبون ، يرتاح لها المحدثون.
كما أن العرض يحتوي على الدلالة الواضحة لتأثير الإجازة في نفوس العلماء ، بحيث كان لها من حبهم وعاطفتهم نصيب كبير هز قرائحهم ودعاهم إلى نظمها!
وقبل أن ننتهي من هذا التقديم ، نود أن نشير إلى أن هناك اصطلاحا يستعمل في باب الشعر من الأدب العربي ، بلفظ (الإجازة) ، وهي كما ذكره الأنصاري : أن تتم مصراع غيرك (٥) ويقال لها : (التمليط) أو (الإملاط) أيضا.
وقال الفيروزآبادي : الإجازة في الشعر ، مخالفة حركات الحرف الذي يلي حرف الروي (٦).
__________________
(٤) إن علماء الإسلام ، لا بد أن يتوفروا على علوم الأدب ، باعتبار أن النصوص الإسلامية المقدسة ـ كلها ـ هي باللغة العربية ، وفي قمة الأعمال الأدبية ، فالقرآن المصدر الأساسي الأول للمعرفة الإسلامية ، وهو معجزة البلاغة العربية ، وكذلك السنة الشريفة ، وبعد ذلك فإن أكثر التراث الإسلامي مكتوب بهذه اللغة المجيدة ، بل تنافس المتنافسون في تميزها بأجمل محسنات الأدب.
(٥) لسان العرب ٧ / ١٩٥.
(٦) القاموس المحيط ٢ / ١٧٠.