وأخرج في الباب المذكور (١٩) حديثين عن أبي الطفيل عامر بن وائلة ، قال : حدثنا معاذ بن جبل ، قال : جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ، قال : فقلت : ما حمله على ذلك؟ قال : فقال : أراد أن لا يحرج أمته.
واعلم أن حديث ابن عباس ومعاذ بن جبل في جمعه صلىاللهعليهوآله وسلم في غزوة تبوك لا يختص بمورده ـ أعني السفر ـ إذ علة الجمع فيه مطلقة لا دخل فيها للسفر من حيث كونه سفرا ، ولا للمرض والمطر والطين والخوف من حيث هي هي ، وإنما هي كالعام يرد في مورد خاص فلا يتخصص به ، بل يطرد في جميع مصاديقه إذ العبرة بعموم الوارد دون المورد ، ولذا ترى الإمام مسلما لم يورده في باب الجمع في السفر ، إذ لا يختص به ، وإنما أورده في باب الجمع في الحضر ، ليكون من أدلة جواز الجمع بقول مطلق ، وهذا من فهمه وعلمه وإنصافه ـ كما قال الإمام ابن شرف الدين رحمهالله (٢٠) ـ.
وأخرج أبو داود في سننه (٢١) عن ابن عباس ، قال : جمع رسول الله بين الظهر والعصر والغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر ، فقيل لابن عباس ما أراد إلى ذلك؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته.
وأخرج عنه أيضا (٢٢) عن ابن عباس ، قال : صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة ثمانيا وسبعا ، الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
وأخرج النسائي في سننه (٢٣) عن ابن عباس ، قال : صلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا ، من
__________________
(١٩) صحيح مسلم ٢ / ١٥٢.
(٢٠) مسائل فقهية خلافية ـ مبحث الجمع بين الصلاتين.
(٢١) سنن أبي داود ٢ / ٦ ح ١٢١١.
(٢٢) سنن أبي داود ٢ / ٦ ح ١٢١٤.
(٢٣) سنن النسائي ١ / ٢٩٠.