لينظر كل من أصحاب المذاهب الأربعة إلى شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم كنظر بعضهم إلى بعض. أي : فكما يرى الشافعية أن مذهب الحنفية مذهب من مذاهب المسلمين ، ويرى الحنفية المالكية كذلك ... وهكذا ... فلينظروا إلى مذهب شيعة آل محمد كذلك ، فإذا نظروا إليهم بهذه النظرة ، وكانت المذاهب كلها من دين الإسلام ، اجتمع شمل المسلمين وانتظم عقد اجتماعهم ، لأنه حين يرى شيعة آل محمد أن أرباب المذاهب الأربعة ينظرون إليهم كنظر بعضهم إلى بعض ، فإنهم أيضا سينظرون إليهم تلك النظرة.
وقد أوضح السيد ـ رحمهالله ـ مقصوده من (النظر) في عباراته اللاحقة فقال فيها : (فإذا جاز أن تكون المذاهب أربعة ، فلماذا لا يجوز أن تكون خمسة؟!).
وتلخص : أن تحقق (المهمة) ليس موقوفا على عدول أحد الجانبين إلى الآخر ، بل يكفي لتحققها قبول أهل السنة لأن تكون المذاهب الخمسة.
وحينئذ ، فلو تباحث في هذا الظرف شيعي وسني على أصل من الأصول ، أو فرع من الفروع ، فاقتنع أحدهم بما يقوله الآخر وانتقل إلى مذهبه ، كان كانتقال الحنفي إلى الشافعية أو بالعكس ، وهكذا ... وما أكثره في تراجم الرجال وكتب السير (٥٣).
__________________
(٥٣) ومن أطرف ما رأيته في الباب ما ذكره الذهبي ، وأنقله بنصه :
(محمد بن حمد بن خلف أبو بكر البندنيجي حنفش ، الفقيه ، تحنبل ثم تحنف ثم تشفع. فلذا لقب حنفش.
ولد سنة ٤٥٣ وسمع الصيريفيني وابن النقور وأبا علي بن البناء ، وتلا عليه.
وعنه : السمعاني ، وابن عساكر ، وابن سكينة.
قال أحمد بن صالح الختلي : كان يتهاون بالشرائع ، ويعطل ، ويستخف بالحديث وأهله ويلعنهم.
وقال السمعاني : كان يخل بالصلوات.
توفي سنة ٥٣٨) ميزان الاعتدال ٣ / ٥٢٨.