بشراشره (٢) في حيطة تصرفه ، ومداره على وفق حكمته.
فكل ما يقع من الكائنات لا بد وأن يكون بعلم سابق من الله ، وتقدير أزلي ، وقضاء حتمي ، وخيره أكثر من شره.
وإلا ، لكانت الحكمة الإلهية ، والقوة الربانية مانعة عن وجوده.
وهذا ، من غير أن يلزم جبر في أفعال العباد ، أو بطلان الثواب والعقاب (٣).
الرابع
إظهار عظمة الله تعالى ، وصفاته الجمالية والجلالية ، وأنه مستحق لكل ما يمكن من العبد من الفناء والتسليم (٤).
__________________
(٢) الشراشر : الأثقال ، والمراد هنا : جميع شؤون العالم.
(٣) يعني أن الإرادة الربانية ، والحكمة الإلهية مهيمنة على كل ما يقع ، ولله أن يفعل ما يشاء ، إلا أنه بحكمته جعل الاختيار لعباده ، ولمصلحة خلقه قرر لهم شريعة ومنهاجا ، ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ، من دون أن ينقص من هيمنته شئ ، فهو القاهر فوق عباده ، وبإمكانه سلب ما أعطاهم من الاختيار ، إلا أنه لا يظلم أحدا ، ولا يعاقب عبدا إلا على ما اختار من السوء.
(٤) فإن التوغل في مشاغل الحياة ، والانهماك في مشاكلها ، أو الانغماس في ملذاتها ، قد تلهي الإنسان عن عظمة الله ، وقد تصرف المؤمن عن التفكير في هذه العظمة وعن واجبه في التسليم المطلق ، وعن مقام الرب في استحقاق ذلك!