ولم يعلم ذلك ، ولم ينكشف ، إلا بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله وسلم ، في يوم كربلاء ، حيث كانت العترة الطاهرة يتحملون ، ويصبرون كي ينكشف ذلك تمام الانكشاف.
وإنما لم يفعلوا ذلك في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم لعدم مقتضيه ، ولتأييد من الله والملائكة ، ومع ذلك ، فإن مظالمهم ـ للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبني هاشم وسائر المسلمين في مكة ـ قد بلغت الغاية!
ألم يحبسوهم ثلاث سنين في شعب أبي طالب ، وقطعوا عنهم الميرة ، فبلغ الجوع والضيق بهم ما بلغ؟!
ولولا مهاجرة المسلمين إلى الحبشة والمدينة ، لقتلوهم أشد قتلة ، سيما بعد قتل النبي صلىاللهعليهوآله ، إلا إذا كانوا يرتدون إلى الكفر!
الثالث عشر
أن العبد إذا علم من نفسه أن البلاء ليس من جهة البعد من الله ، بل إنه من جهة قربه إليه تعالى ، وحبه له ، بظهور كمال صبره ولياقته للمثوبات وعلو الدرجات ، وعلم بما ذكرنا من الجهات ، يستبشر بتلك البليات ، ويشكر الله عليها ، ويستأنس بها.
ألم تسمع عن شهداء الطف ، كيف كانوا يأنسون لوقع السيوف ، وإصابة السهام؟!
فكان عابس بن شبيب قد نزع ثيابه ، وحمل عاريا.
وكان سيدهم الحسين عليهالسلام كلما اشتد عليه البلاء تهلل وجهه ، وزاد نوره ، وقوي قلبه.