ذلك لطف في مقامه إلى حال معينة ، ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده ، ورفع لفساد في الدين هو أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته.
وكان عليهالسلام أعلم بما صنع ، لما ذكرناه وبينا الوجه فيه وفصلناه (٢٥).
والمستفاد من مجموع السؤال والجواب :
إن الظاهر من السؤال ، هو ما أكد المفيد على نفيه وهو دعوى (علم الأئمة للغيب بلا واسطة).
وهذا أمر لم تقل به الشيعة فضلا عن أن تجمع عليه ، لما قد ذكرنا في صدر هذه المقالة ـ من أن (علم الغيب بهذه الصورة) خاص بالله تعالى ، ومستحيل أن يكون لغيره من الممكنات.
والممكن علمه من الغيب بالنسبة إلى النبي والأئمة عليهمالسلام هو الغيب بواسطة الوحي والإلهام من الله تعالى ، وهذا لم ينفه المفيد.
والمجمع عليه ـ من هذا ـ بين الشيعة : أن الأئمة عليهمالسلام يعلمون جميع الأحكام الشرعية بلا استثناء ، لارتباط ذلك بمقامهم في الخلافة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أثبت ذلك في علم الكلام.
وأما غير الأحكام ، فالظاهر من المفيد أنه وضع ذلك في دائرة الإمكان ووقفه على ورود الخبر والأثر به ، فما قامت عليه الآثار قبل والتزم به ، وليس أصله مستحيلا عقلا ولا ممتنعا من جهة آية أو سنة ، أو عقل.
وهكذا قال في موضع (علم الأئمة بمقاتلهم وما جرى عليهم) : فالتزم بعلم أمير المؤمنين عليهالسلام بالمقدار الذي جاءت به الأخبار ،
__________________
(٢٥) المسائل العكبرية ، المسألة العشرون : ٢٩ ـ ٧٢ من المطبوعة مع مصنفات الشيخ المفيد ، المجلد السادس ، وقد وقع في المطبوعة تصحيفات صححناها من الهوامش ، وأخرى من غيرها.