وقد عرض الشيخ الطوسي الاعتراض وأجاب عنه ، وهذا نص ما ذكره :
فإن قيل : أليس في أصحابكم من قال : (إن الحسين عليهالسلام كان يعلم ما ينتهي إليه أمره ، وأنه يقتل ويخذله من راسله وكاتبه ، وإنما تعبد بالجهاد والصبر على القتل).
أيجوز ذلك عندكم ، أم لا؟!
وكذلك قالوا في أمير المؤمنين عليهالسلام : (إنه كان يعمل أنه متقول).
والأخبار عنه مستفيضة به.
وأنه كان يقول : (ما يمنع أشقاها أن يخضب هذه من هذا) ـ ويومئ إلى لحيته ورأسه ـ.
وأنه كان يقول تلك الليلة ـ وقد خرج وصحن الإوز في وجهه : (إنهن صوائح تتبعها نوائح).
قالوا : (وإنما أمر بالصبر على ذلك).
فهل ذلك جائز عندكم؟!
قيل : اختلف أصحابنا في ذلك :
فمنهم من أجاز ذلك (٢٨) وقال : لا يمتنع أن يتعبد بالصبر على مثل ذلك ، لأن ما وقع من القتل ـ وإن كان ممن فعله قبيحا ـ فالصبر عليه حسن ، والثواب عليه جزيل.
بل ، ربما كان أكثر ، فإن مع العلم بحصول القتل ـ لا محالة ـ الصبر أشق منه إذا جوز الظفر وبلوغ الغرض.
__________________
(٢٨) علق محقق (تخليص الشافعي) : يقصد بذلك الشيخين المفيد والكليني ـ قدس الله سرهما ـ وعلى ذلك جرى كثير من علمائنا المتأخرين قدس الله أسرارهم ، كالعلامة الحلي ، والمجلسي ، والشهيد ، وغيرهم.
وقد علق الكليني في أصول (الكافي) بابا خاصا بذلك سماه : (باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون) واستعرض فيه جملة من الروايات عن الأئمة في إثبات ذلك.