لنجدة من تجب عليه نجدتهم.
كما أن طاعة أولئك القلة من الناصحين ، لم تكن بأجدر من طاعة الآلاف من عامة الشعب ، الذي قدموا له الدعوة ، وبإلحاح ، وقدموا له الطاعة والولاء.
وقبل هذا وبعده : فإن الواجب الإلهي يحدوه ، ويرسم له الخطط ، للقيام بأمر الأمة ، فإذا تمت الحجة بوجود الناصر ، فهذا هو الدافع الأول والأساسي للإمام على الإقدام ، دون الإحجام على أساس الاحتمالات السياسية ، والتوقعات الظاهرية ، وإنما استند إليها في نصوص من كلماته وتصريحاته ، لإبلاغ الحجة ، وإفحام الخصوم ، وتوضيح المحجة ، لكل جاهل ومظلوم) (٣٥).
إن حاصل ما ذكره المرتضى والطوسي في أمر الحسين عليهالسلام هو :
إنه عليهالسلام علم بواجبه وتيقن بتمامية الحجة ، بدعوة أهل العراق وتواتر كتبهم إليه ، وطلبهم له ، واستقر عليه هذا الواجب ، فنهض لأداء واجبه ، وخرج إليهم ليتم هو الحجة عليهم ، وهو إن كان عالما بالنتيجة المعلومة له من الغيب ـ أو من شواهد الحال ـ إلا أنه لم تقم حجة خارجية عيانا ترد الحجة التي قدمها أهل الكوفة بدعوتهم للإمام ، إلا بعد حصر الإمام في كربلاء.
والإمام لم يكلف ـ قبل كربلاء ـ بالعمل بواجبه الظاهر ، ولو أخبر ـ هو ـ بما يعلمه من الغيب ، هل كان يصدقه أحد؟! خصوصا من أهل الكوفة الذين دعوة؟! وبالأخص قبل أن يظهر منهم الغدر ، وقبل أن يحاط بالإمام في كربلاء؟!
وأما في كربلاء ، فإن الأمر قد اختلف ، وقد تمت الحجة على أهل الكوفة بحضور الإمام ، وبظهور الغدر والخيانة منهم!
__________________
(٣٥) الحسين سماته وسيرته ـ الفقرة ٢٩ ـ : أنصار أوفياء