الله يعلم بالغيب بالاستقلال وبنفسه ، وقد عرفت أن ذلك خاص بالله تعالى ، ولا يشركه فيه أحد من المخلوقات بشرا أو ملائكة أو غيرهما.
وإنما نقول في مسألة علم النبي ـ ويتبعه الإمام ـ بما يطلعهما الله تبارك وتعالى عليه من مخزون علمه ، وبإرادته.
وقد استأثر الله لنفسه بكثير من العلوم كعلم الساعة ووقتها ، وأمر الروح.
ولكنه بفضله على أوليائه من الرسل والأئمة عليهمالسلام يلهمهم علوما اختصهم بذلك دون البشر ، كرامة لهم وإعظاما لشأنهم.
وقد استثنى الله تعالى ذلك مما دل على حصر الغيب بنفسه ، في القرآن الكريم.
فليس اعتقاد ذلك منافيا لمدلول تلك الآيات التي هي حق.
٥ ـ ومع اعتقادنا بأن النبي والإمام يعلمان الغيب بإعلام الله ويطلعان عليه بالوحي والإلهام ، فإن علمها لا بد أن يكون محددا بحدود الوحي والإلهام والإعلام الإلهي واطلاعه جل وعز لهما على ما يشاء من الغيب.
وقد دلت الأحاديث والآثار والنقول ـ المتواترة بالمعنى ـ على حصول علم الغيب لهم عليهمالسلام في بعض القضايا والأمور الماضية والمستقبلة.
وهذا في نفسه كاف لإبطال ما أقيم من الشبه ـ في وجه هذا المعتقد ـ باسم الأدلة العقلية ، فلو تحقق علمهم بالغيب بنحو الموجبة الجزئية انقضى الدليل على سلب ذلك كليا ، ونفيه بشكل عام.
لكن ذلك لا يستلزم الإثبات الكلي إلا إذا دل الدليل عليه ، كما وردت به الروايات والآثار العديدة.
وحيث لا مانع ـ شرعي ولا عقلي ـ من الالتزام بها ، بعد كونها ممكنة ، فلا نرى في الالتزام بمداليلها ومضامينها محذورا.
٦ ـ وقد أثيرت في وجه الالتزام بهذه الروايات والآثار ، والاعتقاد بعلم الغيب للنبي والأئمة عليهمالسلام (شبه) من قبيل الحوادث التاريخية المنقولة