__________________
عفته وعزة نفسه :
إن الحسين رضياللهعنه كان عفيفا عزيز النفس ، فما كان يأخذ صلات معاوية كما زعم بعضهم ، بل كان يأخذ منه حقه في بيت المال. بدليل أنه قيل : إن معاوية لما قدم مكة وصله بمال كثير ، وثياب وافرة ، وكسوة فاخرة ، فردّ الجميع عليه ، ولم يقبل منه شيئا ، فهذه صفة العفة والنزاهة ، وصفة من حوى مكارم الأخلاق.
وإنه رضياللهعنه لم يكن فقيرا قط ، بل كان له في جميع أيام حياته من المال ما يكفيه وزيادة ، وإنه كان شبيه أبيه كرم الله وجهه وجدّه عليه الصلاة والسلام في غنى النفس ، فلم يكن حريصا على كثرة المال ، ولا مولعا بجمعه ، مغرما بادخاره ؛ بل كان جوادا كريما ، فكان يحسن بما يزيد عن حاجته ، ويجود على غيره ، ولا يجود غيره عليه.
وقال أيضا في ص ٢٣٣ :
ان الحسين رضياللهعنه كان عالما فاضلا ، وكان الناس يقدمون عليه بالمدينة وينتفعون بما يسمع منه ، ويضبطون ما يروونه عنه.
وذكر ابن عمر الحسن والحسين رضياللهعنهما فقال : إنما كانا يغران العلم غرا.
وقال في ص ٢١٩ :
وقال ابن كثير : إن الحسين رضياللهعنه صحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أن توفي وهو عنه راض ؛ ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه ، وكذلك عمر وعثمان ، وصحب أباه عليا كرم الله وجهه وروى عنه ، وكان معه في مغازيه كلها في الجمل وصفين ، وكان معظما موقرا ، ولم يزل في طاعة أبيه حتى قتل.
ولما آلت الخلافة إلى أخيه الحسن وأراد أن يصالح معاوية شقّ ذلك على الحسين ، فلما استقرت الإمارة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن ، فكان معاوية يكرمهما إكراما زائدا ويقول لهما : مرحبا وأهلا ، ويعطيهما عطاء جزلا ، وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف وقال : خذاها وأنا (ابن هند) والله لا يعطيكماها أحد قبلي ولا بعدي. فقال الحسين : والله لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلين أفضل منا.