الاتجاه وأجواء التدوين
بين المنتمي واللامنتمي ، أين وقفت عيون التاريخ الإسلامي؟
هل كان القدر المنتمي منها هو هذه النسبة إلى الإسلام وحسب؟
تلك نسبة طبيعية صيغت من الموضوع الذي تناوله الكتاب من غير أن تكون هناك ضرورة لهيمنة هذا الموضوع على مادة الكتاب ، فكتاب التاريخ الذي يعني بأحداث حقبة زمنية ينسب إليها.
والذي يعني بأخبار طائفة من الطوائف أو أمة من الأمم ينسب إليها ، والذي يعني بأحداث بلد من البلدان ينسب إليه ، وكلها نسب لا تتعدى التعريف بموضوع الكتاب.
لكن حين ينحصر الأمر بتاريخ أمة وقد ظهرت فيها الاختلافات ، وتوزعت أبناءها الفرق والطوائف ، وتغلبت الأهواء التي تفرض هيمنتها في صياغة أفكار الناس ورؤيتهم للأحداث ... عندئذ أين سيقف التاريخ؟
هل سيكون بعيدا عن معترك الميول والأهواء ، منفصلا عن قيود الزمان والمكان ليسجل الأحداث والأخبار كما هي تماما ، وبكامل أسبابها ودواعيها المباشرة وغير المباشرة ، ثم بكامل تفاصيلها وما خلفته من آثار كما هي قبل أن تنفعل معها الميول والأهواء؟
لا شك أن هذا هو الأمل المنشود ، وهو الذي تقتضيه الأمانة للتاريخ وللحقيقة.
ولكن لا شك أيضا أن التاريخ لم يكتب في الفضاء ، ولا كان المؤرخ يستقل بساطا سحريا يقله فوق آفاق زمانه ومكانه.
إنه يكتب من على الأرض ، وفي زمان ما ومكان ما ..
وإنه يكتب ما يسمع ، لا ما يرى ..