سنة ٨٢ ه ، فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي صلىاللهعليهوآله وسلم ومغازيه. فقال له أبان : هي عندي ، قد أخذتها مصححة ممن أثق به.
فأمر سليمان عشرة من الكتاب بنسخها ، فكتبوها في رق ، فلما صارت إليه نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين وفي بدر ، فقال : ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل ، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم ، وإما أن يكونوا ليس هكذا!
فقال أبان : أيها الأمير ، لا يمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق ، هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا.
فقال سليمان : ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين ، لعله يخالفه.
ثم أمر بالكتاب فخرق ، ورجع فأخبر أباه عبد الملك بن مروان بذلك الكتاب ، فقال عبد الملك : وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل ، تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها؟!
قال سليمان : فلذلك أمرت بتخريق ما نسخته (١٥).
ومن هذه الواقعة تظهر عدة ملاحظات هامة :
* لم يكن أهمها تخريق الكتاب ...
* ولا كلمة عبد الملك بن مروان ـ وهو الخليفة ـ التي تعد دستورا نافذا في تحديد المنهج الثقافي إبان الحكم الأموي.
* بل أهم من ذلك اختفاء أهم مناقب الأنصار ، وفي الوقائع الحاسمة في تاريخ الإسلام : بيعة العقبة الأولى ، والعقبة الثانية ، ومعركة بدر! غابت عن
__________________
(١٥) الموفقيات ـ للزبير بن بكار ـ : ٢٢٢ ، عنه السيد الجلالي في تدوين السنة الشريفة : ٤٢٠.