السواد الأعظم من المسلمين ، وحتى عن سليمان بن عبد الملك الذي سيصبح عن قريب خليفة المسلمين ، هذا وما زال الناس في القرون الأول من عمر الإسلام!
* وأهم من هذا : البعد الذي انطوت عليه كلمة أبان بن عثمان المؤرخ وهو يحاول إقناع سليمان بن عبد الملك ، فيقول له : أيها الأمير ، لا يمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق!
لا شك أن جناية الأنصار الذين كانوا أنصار رسول الله والمجاهدين معه وأنصار دين الله ، هي أنهم لم يكونوا فيما بعد أنصارا لبني أمية. وهذه وحدها حجة كافية في غلق أبواب الجدال فيهم ، وفي تخريق الكتاب!! هذا إن لم نعطف عليه ما سيراه الأمويون إذن في الأنصار من نظرة عداء قديم ثبت ظاهرا على مدى عشر سنين ، ابتداء ببيعة العقبة الأولى ، ومرورا بمعركة بدر وأحد والخندق ، وانتهاء بفتح مكة!
* وثمة ملاحظة أخرى خفية لم تتطرق إليها نصوص هذه الواقعة ، لكن الناظر الفطن يراها ظاهرة ظهور النصوص الجلية ..
فماذا لو وقف سليمان بن عبد الملك في تلك الصحف على مواقف علي ابن أبي طالب وبني هشام ومناقبهم ، ألم يكن سينكرها أشد من إنكاره لمواقف الأنصار؟
إن هذه الواقعة لتنطق بصوت خفي بأن تلك الصحف التي حفظت من حق الأنصار ما أثار انتباه الأمير ودهشته ثم استنكار الخليفة من بعده ، لم تكن تحفظ شيئا من حق علي وبني هاشم الذين هم لبني أمية خصوم العقيدة والتاريخ.
ولهذه الملاحظة ما يؤيدها من سيرة أبان بن عثمان ، إذ كان هواه على الدوام مع خصوم علي ، ففي مستهل شبابه في السادسة عشرة من عمره خرج مع أصحاب الجمل لقتال علي ، ثم كان هواه من الأمويين وعمل لهم واليا على