إن بالشام مئة ألف فارس ، كل يأخذ العطاء ، مع مثلهم من أبنائهم وعبدانهم ، لا يعرفون عليا ولا قرابته ، ولا عمارا ولا سابقته ، ولا الزبير ولا صحبته ، ولا طلحة ولا هجرته ، ولا يهابون ابن عوف ولا ماله ، ولا يتقون سعدا ولا دعوته (٤٠).
٧ ـ آخرون :
أما الآخرون من أصحاب المغازي والسير الذين لم يقفوا عند تلك الحدود ولا خضعوا لتلك الضوابط ، لأثبتوا من السير ما صح لديهم أو ما بلغهم حتى من سير علي عليهالسلام وبني هاشم والأنصار ، فكان من اليسير جدا أن ينبزوا بالتشيع ، وعندما يقال لمؤرخ أو محدث إنه يتشيع فليس المراد التعريف بمذهبه وحسب ، بل المراد ا لطعن بروايته وردها.
وهكذا كان نصيب الكثير من مؤرخي تلك المرحلة ، والمرحلة اللاحقة أيضا ، فقيل فيهم : كان أصحاب المغازي يتشيعون ، كابن إسحاق ، وأبو معشر ، ويحيى بن سعيد الأموي وغيرهم (٤١).
* قد تقدم التعريف بابن إسحاق وسيأتي بتفصيل أكثر في الفقرة اللاحقة.
* أبو معشر : نجيح بن عبد الرحمن السندي (١٧٠ ه) مولى أم موسى ابن المهدي العباسي (٤٢) ، أشخصه المهدي معه من المدينة إلى بغداد سنة ١٦٠ ه وأمر له بألف دينار ، وقال له : تكون بحضرتنا فتفقه من حولنا (٤٣). فهذا من أن يأتيه التشيع ، إلا أن يكون قد روى من سير علي عليهالسلام وبني
__________________
(٤٠) الإمامية والسياسة : ٤٦.
(٤١) معجم الأدباء ١٨ / ٧.
(٤٢) من هنا قالوا له : مولى بني هاشم.
(٤٣) سير أعلام النبلاء ٧ / ٤٣٥ ـ ٤٤٠ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٣٧٤.