انتقاء الأخبار وتهذيبها فلا يستطيع إعذار معاوية حتى ينال من خصومه وهم دائما من كبار السلف الذين لا يقرن بهم معاوية.
إذن فالسلف الذي يعني الطبري بحفظه هو معاوية وفئته فقط لا كل السلف.
٢ ـ إنتقاؤه ما يرضي العامة ويوافق أهواءها دون سواه.
فإذا تذكرنا أن العامة كانت تهوى هوى الفئة الغالبة ، وتعتقد بما أذن المتغلبون بنشره من عقائد ، أدركنا أن التاريخ قد مال أيضا إلى هذه الفئة ، وغمص الآخرين حقهم.
٣ ـ متابعة الأمر الواقع والذب عنه ما وجد لذلك سبيلا.
وهذا النهج واضح ،
أولا : في التزام الشرطين المتقدمين.
وثانيا : في التزام رواية سيف بن عمر على طول هذه المرحلة الحساسة ، ابتداء بوفاة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وانتهاء بمعركة الجمل. وسيف هو الراوي الذي نذر نفسه لهذا الغرض ، وصنع لأجله الأساطير ، وزور الحقائق ، وقلب الأخبار (٧٠).
وعلى هذا النحو سار الآخرون ، كما رأينا ذلك واضحا عند ابن الأثير وابن خلدون ، وقد جعلا تلك الأمور شروطا في صحة الخبر.
وثمة ترابط وثيق بين هذه الأمور الثلاثة سيظهر جليا في الفقرة اللاحقة.
__________________
(٧٠) من طريف أخباره أنه اختلق ٣٩ صحابيا ، وعدهم أبطالا فاتحين في ٣٩ واقعة ، ولكن لم يخلق الله أحدا من أولئك الذين عدهم في الصحابة ، ولا كان شئ من تلك الوقائع التي ذكرها!
أنظر : خمسون ومئة صحابي مختلق ، للسيد مرتضى العسكري.