هوية حددتها تلك المدرسة الثقافية الشاملة التي أنشئت في أول عصور التدوين.
إن هذه الحقيقة لتستدعي إثارة الشكوك حول الكثير مما جمعته عيون التاريخ وكأنه الحقيقة التي لا مراء فيها ..
إنها تستدعي أن يحاكم هذا التاريخ محاكمة جادة حتى يتميز ما ثبت فيه مما هو حق ، وما ثبت فيه تأثرا بتلك المدرسة وما خلفته في أذهان الناس ، حتى وجد ابن هشام والطبري نفسيهما مكتوفي الأيدي لا يستطيعان أن يثبتا حقيقة واحدة تصطدم مع عقائد الناس وما ترسخت عليه أهواؤهم.
بل حتى وجدا نفسيهما منساقين لتلك الآثار ، يعدان ما خالفها من الأمور الشنيعة التي يجب ألا تكتب!
إن الآثار التي تركتها تلك المدرسة في أذهان عامة الناس قد بلغت حدا يصعب تصوره!
التاريخ في محكمة السنة :
ماذا عساه أن يكون نصيب أبي ذر في تاريخ يكتبه العاذرون معاوية؟! لقد عزم هذا التاريخ أن ينفي أبا ذر كما نفاه خصومه ... وأن يتركه وحيدا كما عاش وحيدا ومات وحيدا!!
وماذا عساه أن يكون نصيب عمار؟!
لقد سعى هذا التاريخ في محو أثره بعد ما غاله سيف الفئة الباغية!! وماذا عساه أن يكون نصيب الأنصار بعدما مضت فيهم الأثرة فلم يجدوا إلا الصبر ، فاتخذوه شعارا ودثارا؟ فالذي استأثر عليهم بحقهم أيام حياتهم ، هل سيرعى لهم حقهم بعد مماتهم؟!
وماذا سيكون نصيب الخصم الألد!! خصم الأبد ... أبي تراب وأهل بيته؟!