فحين يأتي التاريخ ليصف عمارا بأنه كان من أول المتأثرين بدعوة ابن سبأ ، تأثر به فأظهر الخلاف على عثمان! وتأثر به فتعصب لعلي عليهالسلام وشدد على حقه في الخلافة! (٨١) عندئذ تظهر أبعاد تلك الأحاديث الشريفة.
فكأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لنا : إذا جاءكم أحد بمثل هذا عن عمار فاعلموا أنما هو افتراء باطل ، فإن عمارا قد أجاره الله تعالى من الشيطان ، فما كان يقوله عمار فهو دينه وعقيدته ، وهو الحق ، وما هو من وحي شيطان ..
إنه غبار يثار بوجه الفئة التي انتظم فيها عمار ، وهي الفئة المحقة ، فمهما تعددت الفئات فإن عمارا مع الفئة المحقة ، لا يفارقها ، يدور مع كتاب الله حديث دار ..
فلا يصدنكم هذا عنه ، ولا يغرنكم أنه يقال من قبل الفئة القوية المتغلبة على الأرض وعلى تدوين التاريخ ، فإن تلك هي الفئة الباغية ... فإن عمارا (تقتله الفئة الباغية)!!
إنها معجزة النبوة ..
فقد علم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن عمارا سيكون قطبا من الأقطاب التي يدور عليها اختلاف الناس ، فسوف يكون له أعداء يحاربونه بأكثر من سلاح ، منها :
أ ـ أنهم سيتهمونه في عقيدته ويزعمون أنه قد تأثر بشياطين الإنس فأغوته ومالت به عن الرشاد.
ب ـ سيصفونه بإثارة الفرقة والفتنة في هذه الأمة.
ج ـ سيقاتلونه فيقتلونه.
فرد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأول بإبلاغه أصحابه أن عمارا
__________________
(٨١) أنظر : تاريخ الطبري ٤ / ٣٤١ ـ أحداث سنة ٣٥ ـ من رواية سيف بن عمر ، وعنه : الكامل في التاريخ ٣ / ١٥٥ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٥٨٧.