عروة عن أبيه عن عائشة ، وقد حكى شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (٣١) و (هدي الساري) (٣٢) عن يعقوب بن شيبة ، أنه قال : كان تساهله ـ يعني هشاما ـ أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه.
قال ابن حجر : هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش : كان مالك لا يرضاه ، فقد حكي عن مالك أشد من هذا. انتهى.
قلت : هو ما حكاه الخطيب في (تاريخ بغداد) (٣٣) والحافظ الذهبي في (الكاشف) عن الإمام مالك ، أنه قال : هشام بن عروة كذاب.
فأي وزن يقام بعد هذا لقول ابن القيم : إن هشاما من أوثق الناس وأعلمهم ، ولم يقدح فيه أحد من الأئمة بما يوجب رد حديثه (٣٤)؟!
وقال الحافظ في (تقريب التهذيب) : ربما دلس ، وقد عرفت ـ فيما تقدم ـ أن المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع ، وهنا ليس كذلك ، وإن وقع في الصحيحين فليس بشئ ولا كرامة.
ويعجبني كلام الشيخ العلامة محيي الدين بن أبي الوفاء القرشي في هذا المضمار حيث قال : اعلم أن (عن) مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شئ كثير ، فيقولون على سبيل التجوز : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتصال. انتهى (٣٥).
وأيضا : فقد ثبت في جملة من أحاديث الباب أنه عليه وآله الصلاة والسلام أرسل عليا عليهالسلام إلى البئر فاستخرج السحر ، وكان جبريل قد
__________________
(٣١) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٥.
(٣٢) هدي الساري : ٤٧١.
(٣٣) تاريخ بغداد ١ / ٢٢٣.
(٣٤) تفسير سورة الكافرون والمعوذتين : ٤٦.
(٣٥) الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩.