نظر ، إذ قد كان في بلاد الكثير كثير من الكهان والسحرة من أهل الكتاب وغيرهم من المشركين ، وكانت بضاعة السحر والتمويه رائجة عندهم في تلك العصور ، ولبيد بن الأعصم وبناته وأم عبد الله اليهودية إنما هم من آحادهم ، وكان هؤلاء ا لرهط في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وزمانه ، وفي قطره ومكانه ، فكيف يعترض بما لا تعلق له بشئ من معنى الآية؟!
وأما دعواه أن حكم الساحر لا ينفذ في كل أوان ، ولا له يد في كل شأن ، فمردودة ، لظهورها في إثبات التأثير بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم موجبة جزئية ، والتحقيق نفي تأثير عمل الساحر في الأنبياء والأئمة عليهمالسلام سالبة كلية ـ كما عرفت فيما مضى وسيأتي إن شاء الله تعالى ـ.
وإذا أحطت خبرا ما تلوناه عليك ظهر لك ما في كلام شيخ الإسلام المجلسي ـ رحمهالله ـ وغيره من أفاضل أهل عصرنا حيث ادعى أنه لم يقم برهان على امتناع السحر إذا لم ينته إلى حد يخل بغرض البعثة كالتخبيط والتخليط ، فإنه إذا كان الله سبحانه أقدر الكفار لمصالح التكليف على حبس الأنبياء عليهمالسلام والأوصياء عليهمالسلام وضربهم وجرحهم وقتلهم بأشنع الوجوه ، فأي استحالة على أن يقدروا على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا؟! (٩٧). انتهى.
فإن في التوالي الفاسدة المترتبة على تجويز تأثير السحر في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وإن لم ينته إلى الحد المذكور ـ كفاية في المنع من التجويز ، إذ الشئ قد يستحيل ويمتنع للوازمه الباطلة وتواليه الفاسدة وإن لم يكن في ذاته ممتنعا ، فتنبه.
وما بنى عليه دعواه واعتل به لعدم الامتناع من أن الكفار إذا قدروا على إيذاء الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام بالضرب والقتل ، فلا استحالة في قدرتهم
__________________
(٩٧) بحار الأنوار ٦٣ / ٤١.