وقال ابن الحنّاط (١) المكفوف الأندلسي في المعنى المشهور : [الكامل]
لم يخل من نوب الزمان أديب |
|
كلّا فشأن النائبات عجيب |
وغضارة الأيام تأبى أن يرى |
|
فيها لأبناء الذكاء نصيب |
وكذاك من صحب الليالي طالبا |
|
جدّا وفهما فاته المطلوب |
وكان ابن الزّقاق الأندلسي الشاعر المشهور ـ وقد تكرّر ذكره في هذا الكتاب (٢) مرات كثيرة ـ يسهر في الليل ، ويشتغل بالأدب ، وكان أبوه فقيرا جدا ، فلامه ، وقال له : نحن فقراء ، ولا طاقة لنا بالزيت الذي تسهر عليه ، فاتّفق أن برع في الأدب والعلم ونظم الشعر ، فقال في أبي بكر بن عبد العزيز صاحب بلنسية قصيدة أوّلها : [السريع]
يا شمس خدر ما لها مغرب |
|
أرامة خدرك أم يثرب (٣) |
ذهبت فاستعبر طرفي دما |
|
مفضّض الدّمع به مذهب |
ومنها :
ناشدتك الله نسيم الصّبا |
|
أنّى استقرّت بعدنا زينب |
لم نسر إلّا بشذا عرفها |
|
أو لا فماذا النّفس الطّيّب |
إيه وإن عذّبني حبّها |
|
فمن عذاب النّفس ما يعذب |
فأطلق له ثلاثمائة دينار ، فجاء بها إلى أبيه وهو جالس في حانوته مكبّ على صنعته ، فوضعها في حجره ، وقال : خذها فاشتر بها زيتا.
وقال رحمه الله تعالى في غلام يرمي حجرا فشدخ وجهه : [المتقارب]
وأحوى رمى عن قسيّ الحور |
|
سهاما يفوّقهنّ النظر (٤) |
يقولون وجنته قسّمت |
|
ورسم محاسنه قد دثر |
وما شقّ وجنته عابثا |
|
ولكنّها آية للبشر |
جلاها لنا الله كيما نرى |
|
بها كيف كان انشقاق القمر |
__________________
(١) في أ«ابن الخياط». والتصويب من الذخيرة ١ / ١ : ٣٩٢.
(٢) في ب ، ه : «في هذا التأليف».
(٣) في أ : «حزوك».
(٤) فوّق السهم : صوبه وجعل له فوقا أي سوطا.