وتزهّدوا حتى أصابوا فرصة |
|
في أخذ مال مساجد وكنائس |
وهذا المعنى استعمله الشعراء كثيرا.
وقال ـ فيما أظن ـ الفقيه الكاتب المحدّث الأديب الشهير أبو عبد الله محمد بن الأبار القضاعي ، وقد تكرّر ذكره في هذا الكتاب في مواضع : [الطويل]
لقد غضبت حتى على السّمط نخوة |
|
فلم تتقلّد غير مبسمها سمطا |
وأنكرت الشّيب الملمّ بلمّتي |
|
ومن عرف الأيام لم ينكر الوخطا (١) |
وقال ابن سعيد في القدح المعلى في حقّه : كاتب مشهور ، وشاعر مذكور ، كتب عن ولاة بلنسية ، وورد رسولا حين أخذ النصارى بمخنّق تلك الجهات ، وأنشد قصيدته السينية : [البسيط]
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا |
|
إنّ السبيل إلى منجاتها درسا |
وعارضه جمع من الشعراء ما بين مخطئ ومحروم ، وأغري الناس بحفظها إغراء بني تغلب بقصيدة عمرو بن كلثوم (٢) ، إلّا أنّ أخلاقه لم تعنه على الوفاء بأسباب الخدمة ، فقلصت عنه تلك النعمة ، وأخر عن تلك العناية ، وارتحل إلى بجاية ، وهو الآن بها عاطل من الرّتب ، خال من حلى الأدب ، مشتغل بالتصنيف في فنونه ، متنفّل منه بواجبه ومسنونه ، ولي معه مجالسات آنق من الشباب ، وأبهج من الروض عند نزول السحاب (٣) ، ومما أنشدنيه من شعره : [الكامل]
يا حبّذا بحديقة دولاب |
|
سكنت إلى حركاته الألباب (٤) |
غنّى ولم يطرب وسقّى وهو لم |
|
يشرب ومنه العود والأكواب |
لو يدّعي لطف الهواء أو الهوى |
|
ما كنت في تصديقه أرتاب |
وكأنه ممّا شدا مستهزئ |
|
وكأنه ممّا بكى ندّاب |
وكأنه بنثاره ومداره |
|
فلك كواكبه لها أذناب |
__________________
(١) اللمّة : الشعر الذي يتجاوز شحمة الأذن. والوخط : مصدر وخط الشيب ، أي خالط البياض السواد.
(٢) لقد افتخر بنو تغلب بقصيدة عمرو بن كلثوم حتى قال فيهم الشاعر :
ألهى بني تغلب عن كل مكرمة |
|
قصيدة قالها عمرو بن كلثوم |
(٣) في ب : «غبّ نزول السحاب».
(٤) في ه : «سكنت إلى حركاتها الألباب».