ألا يا حبّذا ضحك الحميّا |
|
بحانتها وقد عبس المساء |
وأدهم من جياد الماء مهر |
|
تنازح جلّه ريح رخاء (١) |
إذا بدت الكواكب فيه غرقى |
|
رأيت الأرض تحسدها السماء |
وقال الأديب ابن خفاجة في ديوانه : صاحبت في صدري من المغرب سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة أبا محمد عبد الجليل بن وهبون شاعر المعتمد ، وكان أبو جعفر بن رشيق يومئذ قد تمنّع ببعض حصون مرسية ، وشرع في النفاق ، فقطع السبيل ، وأخاف الطريق ، ولمّا حاذينا قلعته وقد احتدمت جمرة الهجير ، وملّ الركب رسيمه وذميله ، وأخذ كلّ منّا يرتاد مقيله (٢) ، اتفقنا على أن لا نطعم طعاما ، ولا نذوق مناما ، حتى نقول في صورة تلك الحال ، وذلك الترحال ، ما حضر ، وشاء الله أن أجبل ابن وهبون واعتذر (٣) ، وأخذت عفو خاطري ، فقلت أتربّص به ، وأعرّض بعظم لحيته : [الوافر]
ألا قل للمريض القلب مهلا |
|
فإنّ السيف قد ضمن الشقاء (٤) |
ولم أر كالنّفاق شكاه حرّ |
|
ولا كدم الوريد له دواء (٥) |
وقد دحي النجيع هناك أرضا |
|
وقد سمك العجاج به سماء |
وديس به انحطاطا بطن واد |
|
مذ اعشب شعر لحيته ضراء |
وقال ابن خفاجة أيضا : حضرت يوما مع أصحاب لي ، ومعهم صبي متهم في نفسه ، واتّفق أنهم تحاوروا في تفضيل الرمان على العنب ، فانبرى ذلك الصبي فأفرط في تفضيل العنب ، فقلت بديها أعبث به : [السريع]
صلني لك الخير برمّانة |
|
لم تنتقل عن كرم العهد |
لا عنبا أمتصّ عنقوده |
|
ثديا كأني بعد في المهد |
وهل يرى بينهما نسبة |
|
من عدل الخصية بالنّهد |
فخجل خجلا شديدا وانصرف.
__________________
(١) في ه : «وأدهم من جياد الماء نهد».
(٢) الرسيم والذميل : ضربان من السير. والمقيل : النوم عند الظهر.
(٣) في ه : «وشاء الله إجبال ابن وهبون فاعتذر».
(٤) في ب : «ضمن الشفاء».
(٥) في ب : «ولم أر كالنقاق شكاة حر». وفي ج : «ولم أر كالنفاق شكاه غر».