وجلس المعتصم بن صمادح المذكور يوما وبين يديه ساقية قد أخمدت ببردهما حرّ الأوار (١) ، والتوى ماؤها فيها التواء فضّة السوار ، فقال ارتجالا : [البسيط]
انظر إلى الماء كيف انحطّ من صببه |
|
كأنه أرقم قد جدّ في هربه (٢) |
وقال السميسر : [المتقارب]
بعوض شربن دمي قهوة |
|
وغنّينني بضروب الأغاني |
كأنّ عروقي أوتارهنّ |
|
وجسمي الرباب وهنّ القناني (٣) |
[وقيل : [الطويل]
بعوض وبرغوث وبقّ لزمنني |
|
حسبن دمي خمرا فلذّ لها الخمر |
فيرقص برغوث لزمر بعوضة |
|
وبقّهم سكت ليستمع الزمر |
ومنه : [مجزوء الكامل]
بقّ وبرغوث أتوا |
|
نحوي وقد شدّوا عذابي |
وأتى البعوض بزمره |
|
يا قوم أخرج من ثيابي](٤) |
وأحسن منه قول ابن شرف القيرواني (٥) : [الكامل]
لك مجلس كملت بشارة لهونا |
|
فيه ، ولكن تحت ذاك حديث |
غنّى الذباب فظلّ يزمر حوله |
|
فيه البعوض ويرقص البرغوث |
والسابق إلى هذا المعنى أبو الحسن أحمد بن أيوب من شعراء اليتيمة إذ قال (٦) : [المنسرح]
لا أعذل الليل في تطاوله |
|
لو كان يدري ما نحن فيه نقص (٧) |
__________________
(١) الأوار : العطش.
(٢) كذا في أ، ب ، ج. وفي ه «في صببه» والأرقم : ذكر الحيات.
(٣) في ب ، ج : «وهن القيان».
(٤) ما بين حاصرتين من أ، ج. وساقط من بقية نسخ النفح.
(٥) انظر معجم الأدباء ج ١٩ ص ٣٨.
(٦) في نسخ النفح «أبو أحمد بن أيوب». وقد صوبنا الاسم من يتيمة الدهر ج ٤ ص ٣٨٣ والأبيات في اليتيمة.
(٧) في التيمة «لا أعذر الليل».