فإذا ما قال شعرا |
|
نفقت سوق أبيه |
وذكر في «بدائع البداءة» أن جماعة من الشعراء في أيام الأفضل خرجوا متنزهين إلى الأهرام ليروا عجائب مبانيها ، ويتأمّلوا ما سطّره الدهر من العبر فيها ، فاقترح بعض من كان معهم العمل فيها ، فصنع أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي : [الطويل]
بعيشك هل أبصرت أعجب منظرا |
|
على ما رأت عيناك من هرمي مصر |
أنافا بأعنان السماء فأشرفا |
|
على الجوّ إشراف السّماك أو النّسر (١) |
وقد وافيا نشزا من الأرض عاليا |
|
كأنهما نهدان قاما على صدر (٢) |
وصنع أبو منصور ظافر الحداد : [الوافر]
تأمّل هيئة الهرمين وانظر |
|
وبينهما أبو الهول العجيب |
كعمار يتّين على رحيل |
|
بمحبوبين بينهما رقيب (٣) |
وفيض البحر عندهما دموع |
|
وصوت الريح بينهما نحيب |
وظاهر سجن يوسف مثل صبّ |
|
تخلّف فهو محزون كئيب |
وقال ابن بسام : كان للمتوكل بن الأفطس فرس أدهم أغرّ محجّل على كفله ست نقط بيض ، فندب المتوكل الشعراء لصفته ، فصنع النّحلي أبو الوليد فيه بديها : [الرمل]
ركب البدر جوادا سابحا |
|
تقف الريح لأدنى مهله |
لبس الليل قميصا سابغا |
|
والثريّا نقط في كفله |
وغدير الصبح قد خيض به |
|
فبدا تحجيله من بلله |
كلّ مطلوب وإن طالت به |
|
رجله من أجله في أجله |
ثم انتدب الشعراء بعد ذلك للعمل فيه ، فصنع ابن اللّبّانة : [الكامل]
لله طرف جال يا ابن محمد |
|
فحبت به حوباؤه التأميلا (٤) |
لمّا رأى أنّ الظلام أديمه |
|
أهدى لأربعه الهدى تحجيلا |
__________________
(١) في بدائع البداءة «أنافا بأكناف السماء».
(٢) النشز من الأرض : المرتفع منها.
(٣) في أ«كعماريتين على رحيل». والتصويب من ب. والعمارية : الهودج.
(٤) الطرف ـ بكسر الطاء وسكون الراء : الكريم من الخيل. والحوباء : النفس.