وكم من حديث للنبيّ أبانه |
|
وألبسه من حسن منطقه وشيا |
وكم مصعب للنحو قد راض صعبه |
|
فعاد ذلولا بعد ما كان قد أعيا (١) |
وحكي أنه دخل بعض شعراء الأندلس على الفقيه سعيد بن أضحى ، وكان من أعيان غرناطة ، فمدحه بقصيدة ، ثم بموشّحة ، ثم بزجل ، فلم يعطه شيئا ، بل شكا إليه فقرا ، حتى إنه بكى ، فأخذ الدواة والقرطاس وكتب ووضع بين يديه : [البسيط]
شكا مثال الذي أشكوه من عدم |
|
وساءه مثل ما قد ساءني فبكى |
إنّ المقلّ الذي أعطاك دمعته |
|
نعم الجواد فتى أعطاك ما ملكا |
وقال ابن خفاجة (٢) : [الكامل]
نهر كما سال اللّمى سلسال |
|
وصبا بليل ذيلها مكسال (٣) |
ومهبّ نفحة روضة مطلولة |
|
فيها لأفراس النسيم مجال |
غازلته والأقحوانة مبسم |
|
والآس صدغ والبنفسج خال (٤) |
وقال (٥) : [الطويل]
وساق كحيل الطّرف في شأو حسنه |
|
جماح ، وبالصبر الجميل حران |
ترى للصّبا نارا بخدّيه لم يثر |
|
لها من سوادي عارضيه دخان |
سقاها وقد لاح الهلال عشيّة |
|
كما اعوجّ في درع الكميّ سنان (٦) |
عقارا نماها الكرم فهي كريمة |
|
ولم تزن بابن المزن فهي حصان |
وقد حان من جون الغمامة أدهم |
|
له البرق سوط والعنان عنان (٧) |
وضمّخ درع الشمس نحر حديقة |
|
عليك وفي الطّلّ السقيط جمان (٨) |
__________________
(١) ذلولا : سهل الانقياد. وأعيا : أعجز.
(٢) انظر ديوان ابن خفاجة ص ١١٩.
(٣) في الديوان : «نهر كما ساغ اللمى سلسال» ، والصبا : الريح الهابة من ناحية الشرق. والبليل : الذي أصيب بالبلل ، وأراد أنها ريح ندية.
(٤) الأقحوانة : نبات له زهرة صفراء صغيرة في الوسط تحيط بها أوراق من الزهر الأبيض الصغير. يشبه الشعراء بها الأسنان. والصدغ هنا : الشعر المتدلي على الصدغ. والخال : نكته سوداء تكون في الخد.
(٥) انظر ديوان خفاجة ص ٢٣٥.
(٦) في ب : «سقانا وقد لاح ..».
(٧) في ب : «وقد جال ..».
(٨) في ب : «وضمخ ردع الشمس ... عليه وفي الطلّ ..».