خطوب زماني ناسبتني غرابة |
|
لذلك يرميني بهنّ مصيب |
غريب أصابته خطوب غريبة |
|
(وكلّ غريب للغريب نسيب) (١) |
وهذا من أحسن التضمين ، الذي يزري بالدّرّ الثمين.
ودخل ابن بقي الحمّام وفيه الأعمى التّطيلي فقال له : أجز : [البسيط]
حمّامنا كزمان القيظ محتدم |
|
وفيه للبرد صرّ غير ذي ضرر (٢) |
فقال الأعمى : [البسيط]
ضدّان ينعم جسم المرء بينهما |
|
كالغصن ينعم بين الشّمس والمطر |
ولا يخفى حسن ما قال الأعمى.
وقد ذكر في «بدائع البداءة» (٣) البيتين معا منسوبين إلى ابن بقي ، ولنذكر كلامه برمّته لما اشتمل عليه من الفوائد ، ونصّه : ذكر ابن بسام قال : دخل الأديبان أبو جعفر بن هريرة التّطيلي المعروف بالأعمى وأبو بكر بن بقي الحمّام ، فتعاطيا العمل فيه ، فقال الأعمى : [المنسرح]
يا حسن حمّامنا وبهجته |
|
مرأى من السّحر كلّه حسن |
ماء ونار حواهما كنف |
|
كالقلب فيه السرور والحزن |
ثم أعجبه المعنى فقال : [مخلع البسيط]
ليس على لهونا مزيد |
|
ولا لحمّامنا ضريب (٤) |
ماء وفيه لهيب نار |
|
كالشمس في ديمة تصوب |
وابيضّ من تحته رخام |
|
كالثّلج حين ابتدا يذوب |
وقال ابن بقي :
حمّامنا فيه فصل القيظ
البيتين.
فقال الأعمى ، وقد نظر فيه إلى فتى صبيح : [البسيط]
__________________
(١) هذا عجز بيت ينسب لامرئ القيس ، وصدره : أجارتنا إنّا غريبان ههنا.
(٢) في ج «وفيه للبرد برد غير ذي ضرر». والصرّ : شدة البرد.
(٣) انظر بدائع البداءة ج ١ ص ٢٤٢.
(٤) ضريب : شبيه.