شربت أعطافه ماء الصّبا |
|
وسقاه الحسن حتى عربدا |
فإذا بتّ به في روضة |
|
أغيد يغذو نباتا أغيدا (١) |
قام في الليل بجيد أتلع |
|
ينفض اللّمّة من دمع الندى |
ومكان عازب عن جيرة |
|
أصدقاء وهم عين العدا |
ذي نبات طيّب أعراقه |
|
كعذار الشّعر في خدّ بدا |
تحسب الهضبة منه جبلا |
|
وحدور الماء منه أبردا |
وقال يرثي القاضي ابن ذكوان ، نجيب ذلك الأوان ، وقد افتنّ في الآداب ، وسنّ فيها سنّة ابن داب ، وما فارق ربع الشباب شرخه ، ولا استمجد في الكهولة عفاره ولا مرخه (٢) ، وكان لأبي عامر هذا قسيم نفسه ، ونسيم أنسه (٣) : [الطويل]
ظننّا الذي نادى محقّا بموته |
|
لعظم الذي أنحى من الرّزء كاذبا (٤) |
وخلنا الصباح الطّلق ليلا وأننا |
|
هبطنا خداريّا من الحزن كاربا |
ثكلنا الدّنا لمّا استقلّ وإنما |
|
فقدناك يا خير البريّة ناعبا (٥) |
وما ذهبت ، إذ حلّ في القبر ، نفسه |
|
ولكنما الإسلام أدبر ذاهبا |
ولمّا أبى إلّا التحمّل رائحا |
|
منحناه أعناق الكرام ركائبا |
يسير به النّعش الأعزّ وحوله |
|
أباعد كانوا للمصاب أقاربا |
عليه حفيف للملائك أقبلت |
|
تصافح شيخا ذاكر الله تائبا |
تخال لفيف الناس حول ضريحه |
|
خليطا تخطّى في الشريعة هاربا (٦) |
إذا ما امتروا سحب الدموع تفرّعت |
|
فروع البكا عن بارق الحزن لاهبا |
فمن ذا لفصل القول يسطع نوره |
|
إذا نحن ناوينا الألدّ المناوبا (٧) |
ومن ذا ربيع المسلمين يقوتهم |
|
إذا الناس شاموها بروقا كواذبا |
__________________
(١) في ب : «أغيد يقرو نباتا أغيدا». وفي ج : «أغيد يغذو بنانا أغيدا».
(٢) المرخ والعفار : شجران سريعا الورى ، وفي أمثالهم «في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار».
(٣) ديوان ابن شهيد ص ٢٣.
(٤) الرزء : المصيبة.
(٥) في ه : «ثكلت الدجى لما استقلّ».
(٦) في ب ، ه : «خليط قطا وافى الشريعة هاربا».
(٧) في ه : «إذا نحن ناولنا الألد».