وركب بعض أهل المريّة في وادي إشبيلية ، فمرّ على طاقة من طاقات شنتبوس ، وهو يغنّي:
خلين من واد ومن قوارب |
|
ومن نزاها في شنتبوس (١) |
غرس الحبق الذي في داري |
|
أحبّ عندي من العروس (٢) |
فأخرجت رأسها جارية وقالت له : من أي بلد أنت يا من غنّى؟ فقال : من ألمرية ، فقالت : وما أعجبك في بلدك حتى تفضّله على وادي إشبيلية وهو بوجه مالح وقفا أحرش؟ وهذا من أحسن تعييب ، وذلك أنها أتته بالنقيض من إشبيلية ، فإنّ وجهها النهر العذب ، وقفاها بجبال الرحمة أشجار التين والعنب ، لا تقع العين إلّا على خضرة في أيام الفرج ، وأين إشبيلية من المرية. وفي ألمرية يقول السميسر شاعرها : [الخفيف]
بئس دار المرية اليوم دارا |
|
ليس فيها لساكن ما يحبّ |
بلدة لا تمار إلّا بريح |
|
ربّما قد تهبّ أو لا تهبّ |
يشير إلى أنّ مرافقها مجلوبة ، وأن الميرة تأتيها في البحر من برّ العدوة ، وفيها يقول أيضأ :[المجتث]
قالوا المرية فيها |
|
نظافة قلت إيه |
كأنها طست تبر |
|
ويبصق الدم فيه |
وحكى مؤرخ الأندلس أبو الحجاج البياسي (٣) ، أنه دخل عليه في مجلس أنس شيخ ضخم الجثّة مستثقل ، فقال البياسي (٤) : [مجزوء الخفيف]
اسقني الكأس صاحيه |
|
ودع الشيخ ـ ناحيه (٥) |
فقال الكاتب أبو جعفر أحمد بن رضي : [مجزوء الخفيف]
إن تكن ساقيا له |
|
ليس ترويه ساقيه |
وحكي أنّ العالي إدريس الحمودي لمّا عاد إلى ملكه بمالقة وبّخ قاضيها الفقيه أبا
__________________
(١) في ب ، ه : «خلين من واد».
(٢) في أ، ج ، ه «الفردوس» والتصويب من ب. والعروس أحد متنزهات إشبيلية.
(٣) في ه : «وحضر مؤرخ الأندلس أبو الحجاج البياسي».
(٤) انظر المغرب ج ١ ص ٤٢٧.
(٥) في ب ، ه : «اسقني الكأس ضاحيه».