وارتوت صفحاه حتى خلته |
|
بحيا منّ لكفّيك سقي |
يا بني معن لقد ظلّت بكم |
|
شجر لولاكم لم تورق |
لو سقي حسّان إحسانكم |
|
ما بكى ندمانه في جلّق (١) |
أو دنا الطائيّ من حيّكم |
|
ما حدا البرق لربع الأبرق |
أبدعوا في الفضل حتى كلّفوا |
|
كاهل الأيام ما لم يطق |
فلما سمعها المعتصم لعبت بارتياحه ، وحسده بعض من حضر ، وكان من جملة من حسده ابن أخت غانم ، فقال له : من أي أنت؟ قال : أنا من الشرف في الدرجة العالية ، وإن كانت البادية عليّ بادية ، ولا أنكر حالي ، ولا أعرف بخالي ، فمات ابن أخت غانم خجلا ، وشمت به كلّ من حضر.
وابن شرف المذكور (٢) هو الحكيم الفيلسوف أبو الفضل جعفر ابن أديب إفريقية أبي عبد الله محمد بن شرف الجذامي ؛ ولد ببرجة ، وقيل : إنه دخل الأندلس مع أبيه وهو ابن سبع سنين ، ومن نظمه قوله : [الطويل]
رأى الحسن ما في خدّه من بدائع |
|
فأعجبه ما ضمّ منه وحرّفا |
وقال لقد ألفيت فيه نوادرا |
|
فقلت له لا بل غريبا مصنّفا (٣) |
وقوله : [مخلع البسيط]
قد وقف الشكر بي لديكم |
|
فلست أقوى على الوفاده |
ونلت أقصى المراد منكم |
|
فصرت أخشى من الزياده |
وقوله : [المتقارب]
إذا ما عدوّك يوما سما |
|
إلى رتبة لم تطق نقضها |
فقبّل ولا تأنفن كفّه |
|
إذا أنت لم تستطع عضّها |
وقوله ، وقد تقدّم به على كل شاعر : [البسيط]
__________________
(١) جلق : دمشق. وحسان : هو حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان قبل الإسلام شاعر الغساسنة في الشام.
(٢) انظر ترجمته في المغرب ج ٢ ص ٢٣٠ ، والقلائد ص ٢٥٢.
(٣) ورّى بكتاب النوادر وكتاب الغريب المصنف.